دراسات

قصيدة النّثر العراقية: الحياة ليست مستحيلة شعرًا

 عبدالفتاح بن حمودة (ايكاروس)


1

قراءة في “كتاب الجنوب: مختارات شعرية”

 

يبسط النّاقد العراقي حاتم الصّكر في مقدّمته التي مهَرها بـ «الجنوب النّازف شجنًا وشعرًا» السّمات التي تجمع وتفرّق المختارات أو الأنطولوجيات الشعرية عادةً. فأكّد أوّلاَ على أن المجاورة التي حفّت بالنصوص المختارة «ليست اعتباطية»، فحسب رأيه «ثمة خيط يربط المختارات دومًا إن لم يكن في زمن كتابتها فهو في مكان الكتابة أو في مناخها وتوجّهها» ويقصد بذلك «الحساسية الشعرية»  للنصوص المختارة وإن كانت المسألة لا تتعلّق فقط بتجارب شعراء «تتجاور» نصوصهم في كتاب مشترك بل بتجربة شاعر «تتجاور» نصوصه أيضا.

ومن أولى السّمات الجامعة لهذه النصوص المتخيَّرة أنها تنتمي جميعًا أو غالباً إلى «قصيدة النثر» وفي رأيي أنّ هذه السّمة هي البرهان الأقوى والمحفّز لجمعها في الأصل، فقصيدة النثر العراقية ـ مثلها مثل قصيدة النثر في دول شقيقة هي الطاغية والمهيمنة في ما يكتبُ في الشعر العربي المعاصر، ولكنّ جمعها في مختارات لعدد معيّن من الشعراء (في خارطة بلد مثل العراق وإرثه الشعري الحداثيّ الرائد) يعتبر مغامرة في حدّ ذاتها. فما أدرانا أن الشعراء الذين تمّ اختيارهم هم الأبرز في ما يكتب «قصيدة النثر»؟ ونظرًا إلى عدم اطلاعنا بما يكفي علی المشهد الشعري العراقي – رغم جهودنا الحثيثة في ذلك – فإننا نثمّن هذا المجهود الخلاّق لأنّنا ننتصر للشعر حتما مهما كان اسم كاتبه، فالعدد المختارُ من النصوص داخل الكتاب يبهجني قارئا وشاعرًا يتتبّع مسارات قصيدة النثر العربية، ولكن هل يغني هذا الكمّ من النصوص عن كثير مما أبحث عنه؟ وإنْ كنت أودّ أن يكون كتاب المختارات متّسعا لعدد أكبر من الشعراء من كتّاب قصيدة النثر في العراق راهناً. فإذا أعدنا هذه التجربة في كتاب ثانٍ «أنطولوجيا الشعر العراقي المعاصر: (قصيدة النثر أنموذجًا)» لكان العدد أكبر وربّما ضمّت الأنطولوجيا – فيما أعتقد – نصوص خمسين شاعرًا من شعراء «قصيدة النثر العراقية» التي أرى فيها توهّجا وألقًا من خلال ما يصلني وإن عزّت السّبلُ.

ومن رأيي أنّ الأشقاء الشعراء الذين سهروا على جمع المدوّنة: هاشم تايه وعادل مردان وواثق غازي، كان بإمكانهم كتابة مقدّمة للعمل من أجل شروح ضافية تبينُ عن هذه المقاصد الشعرية والنقدية فالاختيار عملية نقدية في حدّ ذاتها. ولكني وجدتُ في مقدمة أستاذي الجليل د. حاتم الصكر ما يغنيني عن كل شرح أو إضافة إلاّ في مواضع رأيتها ضرورية من أجل الإفاضة وتوسيع دائرة القراءة، فقد مسك في مقدمته بأشياء كثيرة يظفر ببعضها القارئ وقد يغفل عن أشياء أخرى إن لم يغص في أعماق النّصوص. وقد قرأ برصانة وهدوء وأنار السّبيل لقرّاء الشعر العراقي المعاصر وهذا يدلّ على قراءته العميقة المتبصّرة وتقليبه للنّصوص من جهات عديدة.

فالظّاهر أن الشعراء المغامرين يكتبون «قصيدة النثر» ولا تعنيهم المعارك الجانبية، قد ذهب أغلبهم مباشرة إلى معركة النصوص بحثا عن التفرّد والأصالة (بمعنى انتماء النصوص إلى أصحابها لغةً ورؤىً وأساليبَ ومضامينَ) وإن كان لقصيدة النثر العراقية روّادها الأوائل وهم ينظرون الآن بعين راضية وبمحبّة عالية إلى أمجاد أبنائهم وأحفادهم فالأبناء والأحفاد اقترفوا الكلمة والضّوء من بعدهم. لكن أن تكتب نصوصا أقل مغامرة من آبائك الرواد، فتلك مسألة تحتاج نظرًا فكل  بناءٍ على سابق يقضّ المضاجعَ.

ومن بين السّمات الفنية التي أفاض في شرحها الأستاذ حاتم الصّكر: حضور السّرد بتقنياته في القصائد وهذا ملمح عامّ لا تختصّ به قصيدة النثر العراقية فقط بل هو ملمح عربيّ معاصر في أغلب ما يكتب في قصيدة النثر اليوم فالسّرد خادم للشعر في قصيدة النثر العربية بشرط الوعي به وبإمكاناته حتى لا يضيعَ الشّعرُ فيما ليس منه وهذا ما علّمني إيّاه الأستاذ حاتم الصّكر منذ سنوات طويلة.

ومن ضمن السّمات الأخرى أيضا حضور النصوص وفق نظام الكتلة في نزوع إلى الدّلالة أو “الأثر الشعوري للجملة” كما أطلق عليه أستاذي حاتم الصّكر، وإن كنت أميل إلى الاشتغال التركيبي والنحويّ قبل الاشتغال على العلامات والفواصل والتنقيط فجوهر العملية الشعرية قائم أولا على تخييل الجملة نحوًا وتركيبًا لتفجير الصّور الشعرية قبل العلامات والفواصل والتّوزيع البصري. فالاستيفاء التركيبي هو الذي يؤدي بالضرورة إلى الاستيفاء في المعنى ويجعل الدّلالة تفيض، وإلى غير ذلك من السّمات التي فصّل فيها الأستاذ حاتم الصكر وهي على غاية من الخطورة والأهمية لكل شاعر أو ناقد أو باحث أو دارس، مثل العنونة والاستهلال أو التصدير باعتبارها عتباتٍ لقراءة النصّ لا غنى عنها لتوسيع آفاق التقبّل.

أما المضامين في الشعر العراقي المعاصر فهي كثيرة ولكنّ أبرزها حضور “الحرب وأدواتها” (مثل الخوذة والجنديّ والآلات والخراطيش والقذائف…إلخ) ولقد أشرت إلى عديد الأصدقاء الشعراء العراقيين منذ سنوات في محاورات متبادلة إلى أن الاشتغال وفق نظام التّيمة أو الموضوع والقضايا والأغراض بمعناها الحديث (مثلا حضُور الحرب أو الجنديّ لدى أغلب الشّعراء العراقيين المعاصرين) ولقد اكتشفت ذلك في نصوص عراقية تُكتبُ راهنًا للشعراء مازن معموري وكاظم خنجر وقاسم سعودي وحمدان طاهر المالكي وزهير كريم ومهند الخيكاني وغيرهم كثير ممن أتابع نصوصهم بانتباه).

وأعتقد أنّه لو تمّت دراسة الشّعر العراقي المعاصر منذ 2003 إلى اليوم (نظراً إلى دلالة هذا التاريخ) لعثرنا على تيمات الحرب والجندي في كلّ ما يُكتب تقريبا متشابها وغير متشابه. وهذه المضامين ستكون دالة في أي دراسة عن الشعر العراقي، ومن النّباهة النقدية للأستاذ حاتم الصكر الذي كانت مقدمته عبارة عن دراسة نقدية في عمقها وأصالتها فهي تُنبئُ بمشروع كتاب نقدي قادم لا محالةَ، وإن لم يكشف عن ذلك المقصد المؤجَّل. فمن نباهته أنّه تفطّن إلى ثلاث مسائل بسيطة ولكنّها من العمق بمكان وهي غياب الشاعرات في المختارات وقلة النصوص في تجربة الحبّ والعلاقة بالمرأة وغياب المكان إلاّ لمامًا وهذا أمرٌ مخيف ومحيّر.

لقد فضّلت في قراءتي الأولى كعادتي أن أمرّ إلى النّصوص مباشرةً مهما كانت المقدّمات أو مهما كان اسم كاتبها، وفي القراءة الثانية أقلّب النظر في المقدّمات لأرى عمقها أو تهافتها. ولكن بعد أن قرأت النصوص وظفرت بشعر كثير وغنائم أعادتني إلى المجد الشعريّ للتجربة العراقية الحديثة. كنت قد عدت إلى المقدمة التي لم أستطع إغفالها لأنّي غنمتُ ما غنمتُ من النقد والإطلالة على المدارات الشعرية وأكثر من ذلك تواضع الأستاذ حاتم الصكر لأنّه يقرأ الشعر بحبّ وليس بحقدٍ (مثل كثير من النقاد العرب من التقنيين أو المدّاحين أو المتكالبين على الجوائز والسفرات). وأعمقُ من الدّرس النقديّ في حدّ ذاته أن نقرأ الشعر بحبّ وإلاّ ما كنّا قرّاءً مخلصين للشعر.

 

2

قصيدة النثر العراقية:محاولة لإسقاط مقولة “التّجييل”

 

قليلة هي كتب المختارات الشعرية العربية في السّنوات الأخيرة. ومن المفاجآت الجميلة أن تكون المغامرة عراقية هذه المرّة فالشعر يظلّ أصعب الفنون رغم كذب الدّجّالين وكثرة الجوائز العربية «العصماء» للرّواية على أنّها «ديوان العرب» الجديد، وما الرواية إلاّ «ديوان الأيتام على موائد اللّئام» إلا اذا كانت لخدمة السيدة الأعظم: “الكتابة”.

فبمجرّد وصول «كتاب الجنوب: مختارات شعرية» عن دار شهريار في البصرة العظيمة شقيقة بغداد الضّوء، انهمكت في القراءة خائفًا كعادتي من مقدمة أستاذي الجليل حاتم الصّكر التي تجاوزتها في البداية خوفاً من أسرها،وكي لا توجّهني في القراءة الأولى للنصوص المختارَة. فقد ذهبت إلى النّبع مباشرة، وخوّضتُ في مياه النّصوص العراقية وبي شوق إلى جيكور وبويب والبصرة وبغداد ودجلة والفرات والخليج الذي مازلتُ أصيحُ به ويصيح بي!

كان كتاب المختارات في محفظتي لا يفارقها أقرأ منه في كل مكان (في مقهى أو حانة)، في عزلة وهدوء إلاّ من ضجيج الشعر. فمن جيكور السّياب وخليجه.. إلى سهول “شيروانه” لشيركو بيكه سِ.. إلى جماعة كركوك والشعراء المعاصرين كلّهم. رحلة جميلة قضيْتُها مع شعراء عراقيين بعضهم قرأت نصوصهم سابقا وبعضهم أقرأ له لأول مرة. عشتُ القراءة الأولى بحبّ وعشق وشغفٍ. ذهبت إلى الأقاصي مع بعض النّصوص وغضبتُ في أحايين أخرى ضدّ نصوص تمنّيت أنّه تمّ حذفها.

وفي القراءة الثانية، عدتُ إلى مقدّمة أستاذي الجليل حاتم الصّكر وقد حصّنتُ نفسي منها في المرّة الأولى، كي أقرأ تطابق الرّؤى النقدية بيني وبين النصوص وبيني وبين المقدمة النقديّة، فظفرتُ بمتعتين: متعة السباحة في اللجّة الشعرية أوّلا ثم في متعة السباحة في اللجّة النقدية ثانيا. بعد إنهائي للمقدّمة لم أتردّد في إعادة قراءة النصوص وقد تسلحت بأضواء أخرى جديدة، وبدأت قراءتي الثانية بقسوة و«شيطانية» انتصارا للشعر لا محالةَ.

وبدأتُ أغضبُ أكثر لبعض النصوص إعجابا بأدائها وحساسيتها وأغضبُ أكثر من بعضها الذي لم يختمر بعدُ. فالقراءة أن تغضب لنصوص تشدّك وأن تغضب من نصوص لم تشدّك يكون بعضها للشاعر ذاته وأحيانا أخرى تكون لشعراء مختلفين ومردُّ تفاوت القيمة الفنية للنصوص المختارة سواءً كانت لشاعرٍ بعينه أو للشعراء مجتمعين، هو عدم نجاح الشاعر نفسه في اختيار نصوصه هذا إذا كان قدّم نصوصه بنفسه بعد أن طُلِبَ منه ذلك، أو عدم نجاح الشعراء الثلاثة الذين قاموا بالجمع والاختيار والترتيب (وهم الأشقاء الشعراء: هاشم تايه وعادل مردان وواثق غازي) فقد اجتهدوا وأصابوا في اختيار بعض النصوص ولم يفلحوا في اختيار أخرى رأيتها أقلّ نضجًا وفرادة بسقوطها في نثرية فجّة وتداعيات لم تختمر في كيميائها النصّيّة، إضافة إلى عدم الوعي بالتشكيل البصري والتّفضية والعلامات.

ورغم ذلك فقد ظفرت بشعر كثير وأطردت نصوصًا من المختارات فلو كانت لديّ المدوّنة كاملة لاخترت بنفسي نصوصًا أخرى  متنوعة أقرؤها من زوايا مختلفة، إضافة إلی بعض ما تمّ اختياره. قرأت سبعة عشر أفُقا شعريا لسبعة عشر شاعرًا من أجيال مختلفة (فقد قمت بإحصاء دقيق للمواليد وتواريخ النشر لكل شاعر) فما ثبت لي بعد تدقيق وتمحيص أنّ المختارات لم تخرج عن اختيار نصوص لشعراء من مواليد الأربعينات والخمسينات والستينات والسبعينات. فكأنّها تقدّم أربعة أجيال حسب العشريات، لكنّ الشعر هو ما يجمع هذه الأجيال في النهاية وليس الجيل بعينه فمقولة الأجيال سقطت نهائيا وتمّ نسفها مع الفتوحات الشعرية العربية المعاصرة بفضل تطور مناهج النقد ذات الأصول الغربية أساسًا، ومردّ الاحتكام إلى مقولة الأجيال الشعرية يكون عادةً لضرورة منهجية وترتيبية لا غير، مثلما علمني أستاذي الجليل حاتم الصكر منذ سنوات. أمّا تواريخ نشر أغلب المجموعات الشعرية لجميع الشعراء فقد كانت منذ التسعينات إلى السنوات الأخيرة وإن كان أزعجني أمرُ التغافل عن ذكر تواريخ نشر مجموعات كثيرة ورد ذكر عناوينها دون ذكر تواريخ نشرها لأنّ وجود ذلك مكرّس للتدقيق ومحفّز على البحث.

فالشّعراء المختارُ لهم هم من أجيال/ شعراء (السبعينات والثمانينات والتسعينات) فإذا اعتبرنا أن سنّ بداية شعر «الفتى العربيّ مقطوع اليد واللّسان» (في عصرنا) يكون مع الخامسة والعشرين فإنّ شعراء مثل: كاظم اللاّيذ وهاشم تايه وعلي نويّر ووليد هرمز وطالب عبد العزيز وحيدر الكعبي هم من شعراء السبعينات بالضرورة. وشعراء مثل: صلاح شلوان وعادل مردان وكريم جخيور وعمار كاصد وعبد السّادة البصري وفرات صالح هم من شعراء الثمانينات بالضرورة. وشعراء مثل: محمد حبيب ومنذر خضيّر ومؤيد حنون وواثق غازي وموفق السواد هم من شعراء التسعينات بالضرورة.

وقمتُ بهذه التّدقيقات حتى يكون القرّاء على بيّنة من الأمر، وربّما تحاشى الأستاذ حاتم الصّكر ذكر مسألة التّجييل لأنّه ما من داعٍ لها في النهاية رغم لطافة الإشارة إلى ذلك، فالجامع بين الشعراء في النهاية الشعر والتيمات والحساسية والرؤى والأداءات الشعرية والمعجم والتفاصيل والأمكنة وغيرها.. ومما تأكّد لدى الأستاذ حاتم الصّكر غياب المكان إلاّ في مواضع محدودة، وهذا الأمر أقضّ مضجعي حقّا، غير أنّ غياب المكان قد يكون دالاًّ على أنّ رحلة التيه الشعريّ قد قتلت المكان أو قوّضَتهُ لحساب المضامين والانهمام بالذّات. ولقد أتت المقدمة في نظري على عديد القضايا التي تهمّ الحساسيّة والمعجم والمضامين والأساليب والتفاصيل وغيرها وإن كنت أنتظر اشارات معمّقة وتوسعاً في ضروب الإيقاع بمكنونه الشعري وندائه العميق خارج النظرة القديمة للإيقاع بما يفتح النقد العربي على إيقاع التراكيب والجُمل والسرد خارج الإيقاع المتأتي من الجرس الصوتي والوزن والقافية والرّوي… وقد لفت نظري حسب القراءة حضور معجم الحرب في قصائد حيدر الكعبي (55 لفظة تدلّ على الحرب على مدى سبع صفحات) وطالب عبد العزيز (23 لفظة تدلّ على الحرب على مدى أربع صفحات) وقلّ معجم الحرب لدى الشعراء الآخرين. وبرز ذلك بصفة أقلّ لدى طالب عبد العزيز وكريم جخيور وعبد الساده البصري وغيرهم… وحضرت الثقافة المرجعية مباشرة لدى شعراء آخرين مثل عبد السادة البصري (رمبو/بودلير/جواد سليم/ليلى العامرية/بيكيت/آرثور ميلّر) وعمار كاصد (حضور السيّاب) وفرات صالح (السّومريون والأكراد) وحضور جلجامش (لدى عادل مردان..).

لقد عثرت على تناغم شديد في دقة الاختيار لبعض الشعراء مثل حيدر الكعبي (نص شعري/سردي) يؤكد رؤيته المخصوصة للشعر الكتلة القائمة على التسريد والضمائر، ومحمد حبيب (مواليد 1966) رغم عدم نشره كتابًا فنصوصه متناغمة عالية الحساسية وشكلت حسب رأيي مغامرة شعرية خطيرة جداً أكتشفها لأول مرة.

إجمالاً، شكّلت هذه المختارات الشعرية العراقية صورة قريبةً نوعا ما من المشهد الشعري العراقي في الداخل رغم أن المشهد الآن أوسع من ذلك، ولقد أمكنني أن أعثر على نصوص متفرّقة متفاوتة القيمة الفنّية ممّا يثبت ثراء التجربة الشعرية العراقية وتنوّعها في انتظار أنطولوجيا أو مختارات أكبر.

تونس نوفمبر 2017