فضاء المجلة

النَّوَارِسْ

أحمو حسن الأحمدي
مِنْ عَادَتِي أَلاَّ أُبَادِرَ بِالسَّلاَمِ عَلَى النَّوَارِسْ ..
فَأَمَامَ تَوْرِيَتِي الْحَزِينَةِ دَائِماً بَابٌ .. وَ نَافِذَةٌ .. وَ حَارِسْ ..
أَفْنَى لِأَمْتَهِنَ الْبَيَاضَ عَلَى مَدَاءَاتِي كَطُبْشُورِ الْمَدَارِسْ ..
**
مُذْ أَنْبأتْكِ الرِّيحُ أَنِّي قَدْ وَقَفْتُ بِبَابِ دَارِكْ ..
مُذْ تاهَ بِي قَلْبِي وَ دَارَتْ بِي الْكَوَاكِبُ فِي مَدَارِكْ ..
أَسْنَدْتُ أَيْتَامَ الْحُرُوفِ إِلَى جِدَارِكْ ..
**
لَمْلَمْتُ أَرْدِيَةَ الْأَسَى .. كَفْكَفْتُ دَمْعِي ..
يَمَّمْتُ وَجْهَكِ كَالنَّدَى .. وَتَلَوْتُ سَبْعِي ..
فَإِذَا نَزَلْتِ مِنَ السَّمَاءِ قَصِيدَةً أَرْهَفْتُ سَمْعِي ..
**
لاَ تُبْعِدِينِي مِنْ جَنَاكِ وَ مِنْ جِنَانِكْ ..
فَالْقَلْبُ يَعْدُو كَالْجَوَادِ الْمُسْتَهَامِ إِلَى حَنَانِكْ ..
وَ الرُّوحُ ظَمْآى ، لَيْسَ لِلظَّمَإِ الْخُرَافِي الْمَدِيدِ سِوَى دِنَانِكْ ..
**
هَلْ تَذْكُرِينَ حَفِيفَ قَلْبِي ، وَ الْأَنَامِلُ فِي الْأَنَامِلْ ..
أَلْهَمْتِنِي لُغَةَ الْفَرَاشَةِ وَ الْحَمَامَةِ وَ الْبَلَابِلْ..
وقَرَأْتُ بَيْنَ يَدَيْكِ أَسْفَارَ السَّنَا ، وَ دَرَسْتُ تَارِيخَ السَّنَابِلْ ..
**
إِنِّي كَتُبْتِكِ كَالْقَصِيدَةِ فِي فُؤَادِي ..
لَمْ تُبْقِ لِي لُغَةُ الْعُيُونِ مِنَ الْهَوَى لُغَةَ الْمِدَادِ ..
إِنِّي أَخَافُ وَلَيْسَ فِي يُمْنَايَ خَارِطَةُ الْوِدَادِ ..
**
وَدَّعْتُ خَلْفِي وَرْدَتَيْنِ ، وَ حَنَّ لِي وَطَنٌ جَمِيلُ ..
وَارْتَدَّ قَلْبِي عَنْهُمَا سِرّاً فَعَاتَبَنِي النَّخِيلُ ..
إِنِّي أَعُودُ إِلَيْهِمَا وَ أَنَا نَحِيلُ ..
**
لَا تَعْتَذِرْ عَمَّا فَعَلْتَ مِنَ الْأَسَى .. لَا تَعْتَذِرْ عَمَّا فَعَلْتَ ..
فَالدَّمْعُ يَهْطُلُ مَرَّتَيْنِ إِذَا اعْتَذَرْتَ ..
وَالْحُزْنُ يُزْهِرُ فِي الدُّمُوعِ إذَا بَكَيْتَ ..
**
فَدَعِي حَقَائِبَيَ الْحَزِينَةَ وَ الْجَرِيدَةَ فِي الْمَطَارِ ..
وَتَوَقَّفِي عَنْ سَرْدِ تَارِيخِيِ بِرَابِعَةِ النَّهَارِ ..
إِنِّي تَعِبْتُ مِنَ الْهِوَايَاتِ الصَّغِيرَةِ فِيِ مَنَافِي الْاِخْتِيَارِ ..
**
لاَ تُسْلِمِينِي لِلرِّيَاحِ ، أَنَا الْمُتَوَّجُ بِالْهَشَاشَةْ ..
يَغْتَالُنِي مَوْتِي فَتَهْزِمُهُ الْبَشَاشَةْ ..
أنَا كَالْقَصِيدَةِ مِثْلُ أَجْنِحَةِ الْفَرَاشَةْ ..
**
فَتَأَمَّلِينِي وَاغْسِلِينِي بِالْعُيُونِ الْمَرْيَمِيَّةْ ..
وَتَقَبَّلِينِي بِالْوَدَاعَةِ وَ الشَّذَا كَالْمَجْدَلِيَّةْ ..
فَأَنَا بِدُونِكِ فِي الْفَرَاغِ بِلَا هُوِيَّةْ ..
**