فضاء المجلة

تغريد أبو شاور تكتب مخاض،وملكة

مخاض

أتمخض مع جارتي كلما جاءها الطلق، و أمسك بأعمدة السرير، أهزه،و أنادي يا لطيف! يا الله ! إلى أن تضع نجوى طفلها، وأنا أقذف طفلي ماءً باردًا كما في كل مرة…
يزغردن مرات للذكر الذي يهز بكاءه أركان الحي، ومرة واحدة للأنثى، و يلفونها على عجل !
و أنا ألمُّ شراشفي أغسلها ، وأدعك أطفالي عنها، وأنام كأي نفساء انتفخت ثديها باللبأ، وثديي يقطر بالوهن ! 
يالله! يشهق الرجل الذي في خاطري، كلما وضعت وجعًا جديدًا، يسليني بالنكات السمج،  ويمسح بكلتي يديه شعري ، ويحبك القصة بطبق مرقة دجاج ساخن لأرمَّ به حزني!
نجوى زوجة محمود الحلاق، تسكن قريبة من الشارع ، قريبة من درب الأطفال أما أنا فأسكن في غرفة على السطح، ويفصلني عن دربهم 90 درجة ، كما أنني أزرع كل السطح والدرجات المؤدية إليه بالصبار ؛فيتجنبه الأطفال لكثرة الوخز !
في الشقة الفاصلة بيني وبين بيت نجوى، يسكن حسن العربيد ، العاطل عن العمل، والذي يظل ساهرا طوال الليل، فاتحا باب شقته في الصباح كي يغير رائحة البؤس والكحول وذكرياته في الحرب، فيخاف الأطفال رؤيته إذا ما صعدوا إلي !
البهجة تغمرهم فمحمود الحلاق  يقص حبل طفله السري بمقص حلاقة الزبائن ، وأنا أعقد سرة أطفالي بصبر الرجل الذي في خاطري، و أخيط عدة أقمطة لوليد نجوى !

ملكة، لولا الحظ

تخبرني الملكة إليزابيث بصفتي سليلة لكل هذا الخراب الممتد من بلاد الأبهة لبلاد التعثير،
بأهمية الريش للرجل العربي..
و أهمية الكعب المربع المعتدل الطول للمرأة. 
و أهمية صيانة المداخن قبل المداخل في البيوت العربية كونها وصية على أحلامنا منذ تشكل ترابنا الأول.
أوصتني أن أعد إبريقًا كبيرًا من الشاي في المساء ، فالشاي يرسم مزاجات الساسة ،ويهذب أفكار الرجال الداخلية، و يزيد من لمعان صوت النساء، إضافةأنه غير مكلف أبدا، ولا يجلب الذكريات المرة مثل القهوة و يشعل فتيلها!ً
شدت على يدي،  وركزت أن لا أنتقص من كرامة الخبز على مائدتي، فماري أنطوانيت المبهرجة الروح، منكمشة الخبرة ، نالت من حشمته؛  فنالتها مقصلة الباستيل.
أما بالنسبة لجسدي ، فدربتني على الإصغاء لكل عضو فيه و قالت إن إهمال الخنصر مثلا سيودي باليد كاملة !
و أخبرتني بحبها لنساء كل البلاد المنقوشة على خاتم ملكيتها، وهي تعلم أنهن عظيمات حقا، وفراستهن عالية، ولكن العلة التي ضيعت عليهن الفرص تكمن في قياس أطوال تنانير بعضهن البعض ، والتفكير بكثافة الحواجب، وبعضهن نسين أقلام حبرهن مفتوحة إلى أن جفت !
وأأما أنا الداهية العربية الأصيلة -كما تسميني- تضرب كفًا بكف وتقول، لو أن وليام لم يخرج عن شورها و لم يهم بكيت، لكنت أنا خيارها الصادم، وصرت سيدة بلاد الأبهة الأولى!

 / من كتابي “خرز”

الأردن