نصوص

الكلام تحرّك في الماء

عبدالوكيل سروري
قبل أن أحبها
كانت العتمة
قبل أن أسند رأسي إلى روحها
كنتُ بلا قلب
قبل أن أخلق الصورة
قذفَت بي إلى المرآة
قبل أن أعِد الفقراء بيدٍ خالية
قبل ،وقبل ،وقبل…
قالت : هنيئاً لنا
نحن الذين جاؤوا من شجرة الغريب
هبطنا سويّاً على موائد حربٍ وليل
نقيس أكتافنا بجلود الثعابين
نلاكم أعقاب المخلوقات بالنعاس
نغرق بدون آبائنا الخشبيين
لدينا زوارق قضمتها الديدان ،
وأمنيات زرقاء في الأعياد المستعملة
أيتها البنت :
الأيام القادمة رخيصة مثل سجائر المونتانا
لن يكون لديك وقتٌ للتسوّق
وتبديل الأهل في دكاكين الخردة
ترتدين تنورة (الميني جيب)
لشتاءٍ لا يعرف الأقمشة الملوّنة ،
ولا القصائد الإسمنتية
بيتنا باردٌ للغاية
فهل لكِ أن تشتري عُزلتي ،
أو تُؤجِّريني قلبكِ قبل أن ينام
حاولي إسكات الطفل
فالحرب أزعجت أمّنا الأرض ،
وأكلت إخوتنا القطط
لا شيء يمكنني فعله الآن
فقط : افردي ماءك
عَلّني أسلكُ القميص ،
أو فجّري غضبك البائت في رأسي
أمضي ، ووقتي هو الأخرُ يمضي
كأنّما نحن قطعانٌ تذودها الرياح
في عتمة الجهات
أنا محضُ جسدٍ غالباً ما يرحلُ عنّي ،
وهذه ليست لُغتي
حياتي لم تكن سوى بدلاً عن فاقد
الحربُ ليست سيئة يا أمي
نحن فقط من يرى ذلك
فهي لا تنجب أطفالاً مُزعجين ،
أنظري : هذه ديارُكِ لا شيء فيها
عاد كما كان
لقد خذلَتني حبيبتي ،
فلا صوت يمكنه النواح عليّ
عدا صهيلُ خيلٍ تعلّق بالضياح
تركت الحرب صُداعهُ في رأسي ،
وأغلقت عليّ جراحها ،
أحتاجُكِ الآن يا أمي
من يعينُني على البكاء إن لم تكوني أنتِ ?!
كما كنتِ تفعلين دائماً :
اغسلي روحي بصوتك العذب
لتكن أخرُ مرةٍ أحنُّ إليكِ
بهذه الغزارة
حتى لا تلعنُني حبيبتي
وهي تنجز طفلنا من رجُلٍ أخر
لست أعني هذا تماماً :
فقط حيثُ يكون الحب سهلاً
غالباً ما يكون هناك رجلٌ وامرأة
ينهمران من الألم
على ليلٍ مجنون .
،،،،،،،،
أبعد من هذا النصل
ينغرِز صوتُكِ في ضهري
كرري الطعنة مرةً أُخرى
لن تكون هناك مشكلة
أكبر من حالة قلبٍ تعلّق بالظهيرة
لن يكون هناك أصدقاء نلعنُهم
بدواعٍ مُبرّرة ،
أو أبٌ له رائحة الصلب
أبعد من هذه السكين
يسلخُني وهم أنكِ حبيبتي
أنتِ أبعدُ من قُرانا البعيدة
إخوتي من الذئبة أرضعوكِ الفرائس
لن تكون هناك مُشكلة
يمكنك أن ترحلي ،
وتترُكِ شتائمك على السرير
،،،،،،،
ليس لديّ ما أفقده الآن
فقط تذكّري أنّ طعنةً واحدة
لا تكفي للنّسْي
تذكّري أنّ قُبلةً واحدة
لا تكفي لإعلان حرب
الحرب دخلت غُرفتي
لم أعد أحب التاريخ
يمضي بي إلى كهوفٍ سحيقات
التاريخ يكذبُ غالباً
علّمكِ تخونين الحزن ،
وتذبحين الماء
لم أعد أثق بالمدرّس
يخنّثُ رأسي بالطباشير الملوّنة ،
أعيدي لي قميصي ،
وخذي حذاءك
قدمي أتعبها الركض
خلف غزالاتُك الجبليّات
الحرب دخلت غُرفتي ،
والأطفال يحلمون بصباحاتِهم
ماذا لو أنّ السقفَ خانني مثلك ،
وقبّلهم ?!
ربما اكتملت السعادةُ حينها
أخِرُ ما لديّ قصيدتُك أيتها الحرب ،
وأزيزُ حبيبتي داخل الجمجمة…