نصوص

كما لو أنّ راقصةً على استثناء

إبراهيم الفلاحي . اليمن 
كنّا على قيد القلق,
على موعدٍ ما مع الارتباك,
على حالة الاندهاش المُبين,
على نزوات الأنا المستديمة,
كنّا
على هيئة الانفلات,
على شكل فقّاعةٍ في الهواء,
على فكرةٍ في التجلّي العصيب,
على واقعٍ من فراغ,
على سلّةٍ من هموم المنازل,
على ياقةٍ من تدلّي الأفق,
على خطأ ما وراء الجهات,
على وعكةٍ في سرير التدهور,
كنّا
على ما يُعيقُ التّأقلُم,
ما يخنقُ الاحتمالات,
ما يوقعُ الخوف,
ما يتوقّى الإفاقة,
ما يُثمرُ الهزء,
ما يَتهجّى الغرابة,
ما يفقدُ الوعي,
ما يخلقُ الّلبس,
ما يُحدثُ الاستياء القلاعيّ,
كنّا
كأرجوحةٍ بين هذي وتلك,
كوسوسةٍ بين هذا وذاك,
كنّا
بلا وجهةٍ لتوخّي الكآبة,
لا وردةً لانتشاء المؤنّث,
لا حاجةً للإطاحة بالحلم,
لا فكرةً للتأنسُن,
لا غايةً للهروب المُزاول,
كنّا
كأقصوصةٍ في مساءٍ قديم,
كتوّاقةٍ في الخريف,
كعاداتها لاعتقال السأم واختزال المتاهات في خصرها المتباين بيني وبين الكمان اعتمالاتها المستديرة, أثنائها المُتألّق حدّ الذهول, إحتفاءآت سرّتها الهزلية, مستويات التنهّد فيها, مقامات شهقتها العفوية, إتيانها المُتثائب, إيقادُها المترنح, رونقها المتباهي, تفاصيلُ شهوتها الرخوية,
إيقاعُها المتهدل في الشفتين, انتبهتُ إلى همّها المتوقّع من أن أكون بلا ممعنٍ في الحدث, أيّنا يحترق في الآخر المُتماهي تماماً مع المُطلق المتعدّد.
كنّا
كرائحةٍ أزكمتْ كلّ شيءٍ,
كهاويةٍ للتداعي المُخيف,
كبابٍ بلا منزلٍ للنزُوح,
كضوضاء همّازةٍ في الغياب,
كريبٍ تؤسّسهُ الشائعاتُ,
كمروحة الهذيان المُدلّاةُ من كهرُمان الضجيج,
كفاجعةٍ أو تكادُ,
كخذلان سيّدة الأربعين بلاوعي تأدية الشكّ قالت بصوت المُسنّ : العنوسةُ ثلّاجةٌ لإقامة الموتى, تعبتُ من التّشرنق, خُذ برائحتي إلى الغَزَل المُطلّ على الإباحة وافقأ الإضجارَ في رأسي المُعكّر بالتهاون فكرةُ الإفراج عنّي منك.
كنّا
لم نكُن,
لم نكترث
لم نأخذنا على محمل الجدّ,
لم نعتمل شجراً,
لم نشئنا ولم ننو أن لا نشاءُ,
كوبر القنافد
كنّا
وكامرأةٍ مسّ ألوانَها الهمّ واصْطاد في مائها المتعفّنُ خذلانه, ما تناولَ من إبط أجوائها فرصةًّ لتخطّي الإطار المراوغ, أفقَدَها حسّها بالفكاهة, أجهدَ لاوعيَها بالغبار وأعضائَها بالهروب, استعاذتْ ولاريبَ في غيّها تستقيمُ الضرورةُ والانزواءُ الهلاميّ جداً وراء الفراغِ المُهيمن
كنّا
كأيّ ادعاءٍ سيسقُطُ,
أيّ انفعالٍ ستدهسهُ العُجالاتُ,
أيّ احتفالٍ سيُجهضُ,
أيّ مناخٍ كئيبٍ,
كناحيةٍ تقضمُ العابرين بوعي التربّص,
كم نحن مستوعباً للغثاء المؤول سراً بأيّ التفاهات
كنّا
على حالةٍ ما ورائيّة الانتباه,
على نهد مُنتابةٍ بالدُّعابة أبدت لأحدهم ما تأنق منها, فأداه بعض الجنون على شكل فزّاعةٍ كلّ يومٍ توسوسُ للكائنات الدقيقة في البهو أثناء مشيتها,
كما لو أنّ هاويتي أنا هرمُ الكتابة, معزفُ الأشواك,
لحنٌ باهتُ العينين أنهكَ رغبة امرأةٍ من الأهواء تعزفُني احتمالاً أو تناولني الهباءَ مجدداً ألقيتُ نفسي في وساوس بعضها هوساً تضمّنهُ الحشيشُ لكلّ غاويةٍ سلامٌ يحتوي معناك إيّاها بفاتحة الخيال, النّهدُ مثقابُ التوهّج, غير أنّ دم الأنوثة مُلغزٌ, لا شكّ أنّي واقعٌ في الشكّ أثناء استدارتها قريباً من مُزاولتي استطاعتْ أن تنُمّ كرعشةٍ سئم الّذي ألقتهُ مُنعَرِجاً بلا إمكانها يوماً تنهّد في توقّعها فنام كفجوةٍ في الحيّ منزلقُ التوجّس شاغرٌ لجنون أحدهم بما أبدتهُ من هفواتها سراً خلال الهمس طيفُ معلّقٍ بهواهُ سيدةٌ لترويض المللْ.
كما لو أنّ راقصةً على استثناء أربكَتِ الخيالُ بخصرها ألقٌ يحنّ إلى تناولهِ المُهيّأ للتمدّد, ربّما سأكون طيفك. فليكن. وأنا صداك بكلّ ناحيةٍ هناك مساحةٌ لإقامة الرّؤيا, مساءٌ شاغرٌ للاختباء كفكرةٍ في النّوم وجهك عائمٌ وأنا صُداعٌ باهتُ الإيقاع في رأس التيقّظ, حالةُ استدعائك ارتطمتْ بذاكرة الحصى, رقصَ المُسمّى فيك مشتعلاً كثقب غوايةٍ أمسكتُ بي فيها لأحلُم مرّتين على التّوالي وهي تأخذُني للتنزه بين التنانير لي كلّ هذا الوضوح أمام روائحها وعليّ التنهّد عادةً لإثارة الموتى الّذين إلى جواري كان لاسترخائها الذاوي على اللاشيء إيقاعٌ خفيُّ المستوى, لازال يرقصُ في مرايا جوّ بهجتها جنوني مائلٌ للاختلال بكلّ غاويةٍ تمخّض عن نوازعها اندهاشي.
26\3\0014