ترجمة دنيا ميخائيل
تنويعة: زيارة إلى العراق
لماذا النظر إلى
نهر دجلة
المالح؟
وهو يجري
بلون تمر الهند
المعصور
من السماء
أو لماذا حبُّ اللغة
التي تكسو الشوارع بأرديتها الطويلة
ونبضاتها من المِسك
أو لماذا الالتفاتة
بالعيون البنّية
نحو براعم الضوء
الكثيفة
ماذا لو بقيتْ
هنا –
مكان منحوت
من الآثار والعبير
حيث نفضتْ
قلبَها.
تنويعة: دعنا نتظاهر
فلنتظاهر بأنك ستخبرني ما حدث
وكيف عشتَ في المدينة على بعد شارعين من النهر.
فلنفترض بأنك ستبدأ الكلام
وأنك ستتحدّث حتى تتدفّق
كلُّ ساحات
وأروقة بغداد من فمك.
كلماتك ستعيدني إلى الكرخ وإلى الرصافة،
إلى القصر العباسي وإلى الكاظمية، المركز التجاري.
والآن بإمكاني أن أرى الناس الذين كانوا جيراني،
الطابوقة المكسورة في خان مرجان
وطراز قشر البيضة في المدرسة المستنصرية.
تمرّر يدك البدينة في شعري الفاحم
كأنها في عمق نوم مؤقت.
سأهدأ لقرون لأظل أمضغ التفاصيل.
وبحلول الليل تخبرني
كيف جاء الفرهود على مهل بجزمتهِ ومعطفه الغامق،
وأنت لم ترَهُ. دعنا نتفق بأني أعرف
بأن شيئاً خاطئاً حدث،
بأني قرأتُ تلك المواضيع التي أرسلتَها
عن التعدّيات على اليهود، والغزوات.
نظرتك في خلفية الصورة مشوّشة.
تسمّي شارعاً وزاوية ومَن أخذك إلى المدرسة.
حدّثني عن دورة الأيام وشهر العزلة.
حينما كنتَ في السادسة من عمرك وكيف تلتقط الصّورَ القديمة
للمدينة ذات الأقواس والخيالات تحت أشجار الهيل.
امنحني النشوة الفظيعة، الحقيقة المالحة الدافئة التي تعرف،
القدح الزجاجي، الشهادة التي خبأها الجدّ عن أطفاله،
السماء عديمة الفائدة، صندوق البريد، خزانة الثياب.
لأني أحتاج إلى كل هذا، أخبرني:
العادات، الندوب، اللخبطة عند الرحيل.
لا تتركني أنتظر.
دعنا نتفق بأنك ستخبرني بالتفاصيل.
أرجوك. عليك أن تتذكّر كل ذرّة
من الهواء ومن مفازات الخطر.
المرأى الأول لأمريكا
هبطت الطائرة إلى أرض مقسّمة:
أرض غير مألوفة.
استقبله العم، خطواته مطبوعة على بلاط آيدلوايلد.
ساقوا عبر مدينة صاعدة إلى السماء
حيث البنايات ارتفعت أعلى من مئة نخلة.
لابدّ أن نظرات أبي امتدت مع أوراق الخريف في تشرين الثاني.
خضاب النار تهيّجت على الزجاج.
عالمُه الجديد ابتدأ في سيارة مجوّفة. وفي شارع ميبل،
طبخت أمهُ سمكة كاملة في صحن بدهن متجمّد.
كان متعَباً على حين غرّة.
رُمي إليها، إلى هذه الأرض. رقيقة ومجهولة. عظام دجاج
ورقائق بصل في وعاء على الفرن. في بغداد،
ترك شيئاً واحداً مجعّداً في غرفته، لكنه حزمَ لهجتَه
وجوازَ سفره. ارتدى ما يناسب الرحلة.
شربَ كوباً من الثقة
في المطار. مضى عبر المداخل.
في 1941، قُتل أحدُ الأعمام.
انتظرت العائلةُ تسعَ سنوات قبل أن تمتطي الطائرة.
لورين كامب: شاعرة أمريكية (والدها عراقي يهودي)، لها ثلاثة كتب آخرها ”مئة جوع“ الذي اختيرت منه هذه القصائد وفاز بجائزة دورسيت وكان في قائمة الكتب المرشحة لجائزة الكتاب العربي الأمريكي. نشرت قصائدها في عديد من المجلات الأدبية العالمية ولها زَمالة في معهد بلاك ايرث. وتدرّس الشعر في ولاية نيو ميكسيكو..