نصوص

نصان لعبدالعظيم فنجان

عبدالعظيم فنجان

 

لماذا تعشقين شاعرا

لماذا تعشقين شاعرا بسيطا مثلي ،
أنا الذي لا أملك أن آتيكِ حتى على دراجة هوائية ؟!
لا سفن عندي ، ولا بحر .
لا أملكُ شبرا من الأرض ، لأن وطني في كوكب بعيد .
وطني مسروقٌ من الخرائط :
وطني ليس وطني ، رغم أنني سومري أشقر القلب :
أنا بسيط ، كمصطبة تأنسُ بالقليل من خطوات العابرين :
حزين
دائما ، حزين ..
مثل اغنية تحشرجُ في حنجرة ناي .
مثل بلاد مقتولة .
مثل قصب أكله غبارُ زقورات منسية .
مثل فانوس ملقى في قاع نهر هجره الصيادون والماء .
أما أحلامي فيصعب تفسيرها :
أحلمُ أن أشنقَ أحلامي ، لأنها تقودكِ إلى التظاهر ضد هذا وضد ذاك.
أحلمُ أن لا أحبكِ
لأنني أحبكِ عن كثب ، واحترقُ بحبكِ عن بعد .
أحلمُ أن تكرهينني ِ، لأنني مفرط بالذكاء وبالحدس .
أحلمُ أن لا أراكِ في أحلامي ، وأن لا استيقظ على طيفكِ الذي يشيعُ الصباحَ في منتصف الليل : حيث الملاكُ مع الشيطان يتوقفان عن العمل في لحظة مروركِ .
لكن ما يحصل هو أن احبكِ ، لأنني مجبولٌ على أن أجلسَ مع المستحيل إلى مائدة واحدة :
لأن ذلك مما يُربكُ الآلهة في المعبد .
لأنه مما يجعلُ العيش ممكنا مع الموت .
لأنه مما يبعثُ الحياة في عروق التماثيل ، فتفرُّ الأحصنة من الساحات .
لأن الأبواب تفلتُ من أسر الحيطان ، والمفاتيحُ تطلقُ سراح الحسرات من سراديب أقفالها .
لأن زجاج النوافذ ينفضُ الغبار عن نفسه ، ويفورُ الماءُ في تنور الجسد ،
ثم يبدأ طوفانُ الدرّ ، ويهطلُ البلور من السماء ..
لكن ..
آه ، لا يحصل ذلك إلا لينتهي الحب إلى مجزرة .


المعجزة

أخاف من شعوري نحوكِ ،
فلستُ أصلح أن أكون بديلا عن رجل خسرتِه ،
إذ ربما كنتُ المأزق ، عكس ما توحي به هيأتي ،
فلا ذنب لي إن فسّرتِ شِعري
على نحو يبعثني ملاكا أو شيطانا ،
لأنني اعتبرُ نفسي موكبا طويلا من الأفكار ،
لا مكان فيه لفكرة مكررة .
أعتبرُ نفسي رفا عاليا من كتب الهزائم ،
في مكتبةٍ لا يرودها إلا قلة من أولئك الذين زهدوا بالأوسمة ،
وليس ذنبي أنكِ ، حين دخلتِ المكتبةَ اخترتِ ، من الرف ، كتابا لا وجود له ولم يُنجز ،
كأنكِ كنتِ تطمحين بالخلود دون أن يحفرَ الحب جرحه العميق في إنسانك الداخلي ،
دون أن تضعي قلبكِ بدلا عن القنديل المكسور في زقاق العالم ، ودون أن تجلسي تحته لتجمعي شظاياه بفعل الحجارة .
آه ، لن تضمني الوصول إلى ذروة الجبل دون أن تمري بصخوره وبوديانه ، فاقبلي بالمغامرة : اقبليني كما أنا ، وتعالي إلى الحب كمبتدئة .
ربما تقاسمنا الجوع على مائدة جسدينا بعدالة ،
وربما اكتشفنا كيف يتبرعم الإثم تحت ثيابنا ،
كيف تولد القبلة ، كيف ينفتح القلب عن قلب آخر ،
لم نتوقع أننا كنا نمتلك شيئا نظيفا مثله ،
فننصهر بالدفء ، مثل جمرتين ،
حتى تهبط أعجوبة الخبز من السماء ،
وتحصل المعجزة .
……………..
كمشة فراشات