فضاء المجلة

قراءة في رغباتنا أمس

هالة عثمان
أنثولوجيا شعرية ، بتقدمتين وملحقين لأندريه برتون وجورج حنين ، يتبعهما ألبوم صور للشاعرة جويس منصور والكتاب من ترجمة وتقديم رشيد وحتي .
في تعريف بالشاعرة التي تعتبر وجها من وجوه الحركة السريالية الأساسية ، واركب الثالث منها تحديدا بعد جيل المؤسسين وجيل ما بعد الحربين ، للتعريف بالشاعرة يتتبع رشيد وحتي مراحل حياتها وهي التي ولدت لأبوين مصريين من الطائفة اليهودية، تعود جذورها لمدينة حلب السورية ، فور ولادة جويس عاد الوالدان من مانشستر حيث أسسا شركة لتسويق القطن ، ادا الى مصر واشتغلا في صناعة النسيج وأصبحت الأسرة جزءا من المجتمع الراقي بالقاهرة .
في تلك الفترة افتتحت ماريا كفاديا زوجة الوزير محمود رياض صالون لقاءات أدبية وكانت الأولى في استقبال أعضاء الفرع المصري للحركة السريالية ” جماعة الفن والحرية ” التي أسسها جورج حنين ، رمسيس يونان، وفؤاد كامل . في هذا الصالون التقت جويس بجورج حنين وهناك اكتشفت روح الحركة السريالية .أصدرت جويس ديوانها الأول ” صرخات ” أواخر العام 1953 ودارت حوله أحاديث بطعم الصدمة والفضيحة في صالونات القاهرة والاسكندرية أما السرياليون في باريس فقد اعتبروا جويس مذاك واحدة منهم ، واعتبر جون لوي بدوان أحد اعضاء الحركة أن صدور ” صرخات ” هو أهم حدث شعري في عام 1954 . رغم أن الديوان نشر ووزع في نطاق ضيق وبنسخ محدودة الا انه حقق صيتا مدويا في في اوساط فرعي الحركة السريالية في مصر وباريس . ونوه المترجم في تقديمه بأن الكتاب بكامله متب في أجواء مصرية ، دون الإطلاع على تجارب السريالين في الغرب ، بل أن جويس أكدت أن قراءاتها الشعرية كانت شبه منعدمة أثناء اقامتها في بلادها وبالنسبة لها ، نولد سرياليين ، ولا نصير كذلك .

عام 1956 غادرت جويس مصر لكن البلاد ظلت حاضرة في شعرها كفضاء استعاري ، كأسطورة شخصية ويتجلى ذلك في قصائد العودة للصحراء ، بلدي اليابس والسري ، الحياة الحياة بعينها ، ومربع أبيض ،
بين عامي 1956 و 1966 وجدت جويس نفسها منخرطة في الحركة السريالية ..انتسبت اليها تنظيميا ، واعتبر انضمامها للحركة دفعة جديدة في دماء الحركة ، لكن جويس كانت بطبعها مستقلة وتأخذ مسافة كبيرة إزاء الجماعة وفي العام 1968 انسحبت جويس وأبقت على علاقات شخصية ببعض الأعضاء .
لجويس من الإنتاج الشعري الدواوين التالية : صرخات ، تمزقات ، كواسر ، مربع أبيض ، العذابات ، أنجم وكوارث، أحاليل ومومياءات، ازهار السندتن ، سفلية الشنسكي عند خط الإنطلاق ، عاصمة الجحيم ، الإيماء لسائق الآلات ، وجهات ممنوعة ، ال أبدا الكبيرة ، ياسمين الشتاء ، لهب ثابتة ، ثقوب سوداء ، ولها قصائد متفرقة نشرت في دوريات سريالية مع قصائد أخرى جمعت بعد وفاتها ونشرت في مجلد أعمالها الكاملة .
عصافير صغيرة ترفرف بأجنحتها
تحت إهابك المشدود في عينيك العميقتين
مجنونة بالخوف الذي يزحزح السماء
غير مفكرةإلا في طيراناتها فيما مضى كفرائس حية لصياد طيور أحمق.
بين أصابعك
فمي
بين أسنانك
عيناي
في بطني
إيقاعك المفترس
يقشر جسدي
بأحاسيس نيئة
إفتح أبواب الليل
ستجد قلبي عالقا
بالدولاب العطر للحب
عالقا بين فساتين الفجر الوردية
مأكولا من طرف العثة ، القاذورات والسنين
عالقا دون ملابس ، مسلوخا من طرف الأمل
قلبي ذو الأحلام المتظرفة
ما زال يحيا .
حتى في قلب الشتاء
هو دوما دوري للتمدد على البلاط
لإرخاء حزامي بقياس أو قياسين
كي أدع خيوط العابر الدقيقة تمر
ولي أن أميل لإضفاء الحيوية على وضعي عند التصوير
هو دوما خطئي اذا كان النبيذ في قنينة بسدادة من الفلين
هو دوما كبريائي الي يسهون عن ترقيعه ،