عبد الواحد السويّح
(1)
اغتيال حُلم غير مختون
فكّرتُ في طريقة لقتل اللّيلِ
أتيتُهُ على حين غِرّةٍ بالنّهارِ
يرتبكُ الكونُ
ويهدرُ دمي.
فتاةُ البرتقال لم تعدْ في الشّجرةِ
لا شيء غير الشّمس تلاحقني بردائها الأزرق
لا شيء غير قمر يسقط من جبيني
لا شيء غير بحر يفقد قدميه…
يرسم الكونُ صورةً تقريبيّةً لي:
كيف تفطّنَ الكونُ إلى أنّي غير مختون؟
وكيف عرف لون قلبي الأبيض؟
وكيف قرأ الفراشةَ في عقلي؟
وكيف تذوّق ظعم الحلوى في لساني؟
مرّت السّنوات وأنا متنكّرٌ
أصبحتُ أجيد التّنكّرَ حفاظاً على دمي
إنّي الآنَ في الخمسين ألعبُ دور شاعر كهل
يكرهُ السّماءَ
يكرهُ البحرَ
ويضاجعُ الكونَ بقضيبٍ مختون
(2)
اغتيالُ كتفين
أفقثُ صباحاً على كتفِي مأكولةً
لم يكن ثمّةَ من نامَ معي
لم يتبعني أحدٌ وأنا عائدٌ إلى بيتي
لم يكن ثمّة غير الكلاب
كيف أواجهُ النّهارَ دون كتف
ماذا سأقول للشّمس الّتي اعتادت أن تتسلّقَ عنقي وتدلي بقدميها على صدري؟
حين خرجتُ شاهدتُ الشّمس على كتف صديقي الكلب
توجّهتُ صوبا حيث المكان الّذي أرمي له فيه الطّعام:
هياكل أعضاء الدّجاج على حالها
هو إذن الكلب!
يبتعدُ وتبتعدُ عنّي السّمسُ
لا قدرة لي على حمل كلّ هذا الظّلّ
قرب أعضاء الدّجاج أنغرس في الأرض مثل مسمار
والظّلُّ مطرقةٌ
تأتي كلابٌ أخرى تأكل كتفي الآخر
أنا الآن تحت التّراب أتلو قصائدي لجذور شجرة لم أتفطّن يوما إلى حزنها.
(3)
انفلات
أقفُ السّاعاتِ الطّوالَ في مفترقِ الطّرقِ الّتي تؤدّي إلى بيتي أستعطفُ أعضائي الموزّعةَ هنا وهناك حتّى أعود
تركتُ عينيّ في سوقِ السّمكِ تفكّران في طَعمِ الأسماكِ الّتي لم تذوقاها
تركتُ قلبي أمامَ وردةٍ تخيّلتُ نشيجَها بينَ فكّتي مقصّ
تركتُ قدميَّ أمامَ حانةٍ لا يرتادُها إلاَّ الأغنياء
تركتُ يديَّ على حذاء فعلَ المستحيل كي يشتريني
تركتُ قضيبي خلف سيّدة تتعمّدُ الالتصاقَ بي ونحنُ في حافلة مكتظّة…
أقضّى السّاعاتِ الطّوالَ في انتظارهم ولا أعود.
(4)
عنين
فقدتُ حاسّة التذوْق
لم أعد أميز بين العسل والحنظل
ولا بين الخمر والأمر
قالت وهي أماني إنّها قطعة سكّر
مازلتُ أذكر هذا الطَّعمَ وكيف كنتُ أمزجه مع الشّجرة
لم أقل شيئا وأنا أمامها
وأدركتُ كم أنّي لا أعرف طعم السّكّر
حين نامت
شاهدتُني في حلمها
كنت روحا تلتحف رداء أبيض شفّافا
لا أثر لرجولة بين فخذيّ
كَمَنْ يشاهد مباراة تنس أحرّكُ رأسي ما بين روحي في حلمها وجسدي القابع أمامها:
لا فرق
قذفتُ بنفسي في كأسها الموضوع على منضدة اللّيل قرب سريرها
وانتحرتُ