نصوص

كتمثالٍ مُتمردٍ .. أخجلْ

حسن حصاري
كتمثالٍ مُتمردٍ أخرسْ
وعلى غيْرِ عادةِ
كلِ التماثيلِ
أمشي مُتصلبَ الخطواتِ
بعينينِ مُتقدتينِ
وأضحكْ،
أحدقُ في شوارع المدينةِ
المُزدحمةِ بالعويلْ،
في إعلاناتها الراقيةِ
للجوْعى والمنبوذينْ،
طرُقاتها المُبتلة
بأحاديثِ الدجالينْ
وبائعي خردة الأوهامْ.
أصففُ وأنا أسيرْ،
رأسي الحَجري الثقيلْ
كلما مالَ يمينا أو يسارا
أرتبُه بعنايةٍ وسط كتفيَّ
لكي أستقيمَ في مشيتي
خوفَ فقدانِ توازنِ الخطواتِ
كلما زلتْ،
في حُفر طرقاتٍ صدئة
بلا أرصفةِ أمانْ.
وكتمثالٍ عاطِفي أيضا
أملكُ قلبا،
يُذكرُني
بكلِ تماثيلِ العالمِ
المُتربعة على صدرِ التاريخِ
من أبي الهولِ والمفكرِ
ورؤوسِ الأولمَكْ الضخْمةِ
وأنا أتجمدُ وحيدا
بساحاتِ ومداخلِ المُدنِ المُشرعةِ
على الأربع جهاتٍ
بلا تأشيرة
تكسُوني ستائرٌ من غبارْ.
ولأني تمثالٌ من خارج الزمنِ
أخجلُ من الأعينِ المُتلصِصةِ
لسائِحي الآثارٍ
وكلابِ صيدٍ جائعةٍ
تتبولُ من غير استئذانٍ
تحثَ قدميَّ.