نصوص

مِـثْـلَ قِـدّيسٍ تَـمَـلّـكـَهُ سِحْـرُ المَـكان

 
أحـمـد زنـيـبـر
في باريسَ
توقِـظُـني الكـأسُ كُـلّـما غـفَـوْت
وعَـلى عَـجـلٍ
ينْدسُّ لِساني في السّؤال:
كيف أطِلُّ على الكوْنِ وحـيـدا
وأعْـبُرَ جِـسْـرَ “الآلْــما” في أمان؟..
ثَـمّةَ لَـيْـلٌ تائِـهٌ
في الشوارعِ
وفخاخٌ نصَبتْها العُيون..
***
في باريسَ
وحْــدَهُ، قوسُ قُـزَح
بَدا لِي في السـرِّ
رحيقا أيْنعَ في الغُصون
يمْنحُ نهرَ”السّـينِ” هِـبَةَ الوجودِ
ويحمِلُـني إلى هُناكَ
حـيْـثُ النّورُ انْـتِـماءٌ
وهَـديـلُ الحَمامِ اشْـتِـهاءٌ
تَـرِقُّ لهُ حَـكايا العُـشاقِ
وهُمْ يُـوَزّعـونَ الـقُـبَـلَ
صُكوكَ غُـفْـران..
***
في باريسَ
ضياءٌ يغمُرُ “البُـرْجَ” المعْـلومَ
وكِتابٌ مسْطورٌ بِـ”قـوْسِ النّـصْـرِ”
تمثل قبرَ “جُـنْـدِيّ مجْهـول”..
هي ذي الحَـواسُّ تَـلْـتـئِمُ
في أرْوِقةِ المتاحفِ
بين مطَرٍ خَفيفٍ
وريحٍ تهتفُ باسْمِ”جانْ دارْك”
تُقرِئني سَـلامَ الوَرْدِ
فأشْدو طَليقا
مثْـلَ قِـدّيـسٍ تَـمـلّـكَـهُ
سِـحْـرُ المَـكان..
***
في باريسَ
أخالُـني ضَحِـيّـةً للوقْـتِ
تلْـتهِـمُني الوجَباتُ السّـريعةُ
بين يـقْـظةِ شمْسٍ ورقْـصةِ ظِـلّ
ما أبْـرَدَ هذا المساء!!
أتعثَّـرُ في نَـبْـضِ “البُـؤسـاء”
وهم يَـتَـبادلـونَ “أزْهـارَ الألَـم” في سَخاء..
ويا لِهذا البـوْحِ..
لـوْلاهُ، ما حامَ الفَـراشُ بالشّمْعِ
وما شاخَ البُــكاء..
***
في باريسَ
ثَـمِـلَـتِ القَـصيدةُ
وسقَـطَـتْ حُـروفـي عـنْ آخِــرِها
تبْـحثُ في خَـطّ الـ”مـيـتْـرو”
عن ذَهَــبِ الحكايةِ،
عن معاطِفَ بِلا أرْواحٍ
وعن جُـنونٍ تَـشَـبَّـثَ بي
يـقْـتَـفي أثَـرَ الـصُّـبْـحِ في السّـماء..
باريس: صيف 2017