نصوص

خيالات الظلّ

سلام حلوم
لو كنتُ لشجرةٍ
لأخذتُ قيلولةً عند جذعها واسترحت كنسمةٍ منهكةٍ من اللّعب
لو كنتُ ليمام الأرصفة
لتعلّمت كيف أقدّر المسافة بين الظلّ وصاحبه، فلا أُصطاد بين الأقدام
لو كنتُ لسنونو
لبرشقةٍ هنا ورشقةٍ هناك، ساهمت بتشكيل لوحات المغيب
لو كنتُ لإبرةٍ
لتسليت وأنا أتفرج على فشلها، وهي تحاول أن تستر عريها بثيابي
لو كنتُ لقلمٍ
لكان لي بعدٌ ثالثٌ أتباهى به بين السطور
لو لم أكنْ له
صار كلّما تراجع عن دربٍ تعثّر بي
واتسخت بصفرة الخوف خاصرتي
وكلما تحاشيته عن فخاخ واضحةٍ
اتّهمني بالعمى
لأشعر أن بصيرتي تُهانُ من أقرب الناس إليّ
ينحني
يطامن
تأخذه الحيرة خطوةً إلى اليمين ، خطوتين إلى اليسار
ويريدني أن أسوّي شكله في الجهات
لا أستطيع
فيدلق عليّ سطلاً من الحبر
كأنما ليمحو حذافيره الفاشلة
يعيّرني أني الواطئ أبداً، الشؤم اللاحق صاحبه أينما استدار
ناسياً أني أنا المتنازلُ إلى جواره
أسودي باهت لكنّه يكحّل حتى أقواس القزح
ناسياً أني اللون الثامن في الطيف، لولاي ما بان
ناسياً أني الناتجُ الوحيد لدوران الشمس حول نفسها
رضيت أن أبقى كنّاساً أبدياً لغبارها في الكون
لأظلَّ ماسكاً بالنهارات على الأرض أكثر
لم أفكّر يوماً أن أبادله الأدوار
فما جدوى وقوفه العمودي عليها
إذ كلّما مالت به الريح مال
وكلّما اشتدّت عليه سحل عن سروج خيله
وانكبَّ على التراب كظلٍّ متفسّخٍ لجثّة
سأخلع وتدي المدقوقة إلى كعبيه
فلا أكون البغلَ
يرخي لي الحبل لأسرح في الدنيا على هواه
مللت هذا اللا حبّ من طرف واحد
مللت أن أقلّد قامةً لا تليق بي
لا تتألم حين يداس على أطرافي بالنعال
معوجّةً
منكمشةً على أوهامها
عائفةً مثلما هيبتَها ظلَّها
نكّارٌ للمشاوير
خائن الحلم والدم
سرابٌ حالكُ
جاحدٌ
يا لخسارة الألفة فيه
سأخلعه تماماً كظلٍّ في العتم