نصوص

نترك كل شيء وراءنا ونمضي

علي أزحاف
ونترك كل شيءوراءنا ونمضي..
أحذيتنا القديمة
معطف رث معلق
على مشجب خلف
باب تلك الغرفة الصغيرة ..
رسائل كثيرة لم تجد
طريقها إلى البريد ..
أحلامنا المبعثرة فوق ورقة..
كل النساء المغموسات
في سحابات الغياب…
هزائمنا العابرة للحزن..
ثم نلتفت التفاتة أخيرة
نتفقد ظلنا المنهوك
نجده هنالك دائما يتبعنا
يلتقط ما تساقط منا
من بقايا الحكايا والأحلام..
وحين تقطفنا أرصفة الشوارع..
مثل فاكهة ناضجة آيلة للسقوط..
تصدمنا أضواء السيارات المارقة
التي تشق صدر ظلمة االليل
فنلمح وجوهنا على الواجهات
معكوسة كما خرائط معطوبة
مبللة برذاذ ماء يشبه المطر
مبقعة بطين يشبه الحنين..
قد نلقي عليها السلام ربما..
حتى وإن لم تعرفنا لحظتها
أو نمضي فقط في صمت …
دون أن نعبأ بكل ذاك العمر
الذي لاح في بارقة ضوء خاطفة..
قد نشعل سيجارة وننفث دخانها
في وجه المساء والعابرين…
قد نلمح طيف إمرأة يكسر
زاوية نهاية الزقاق..
قد نعتقد للحظة أنّا كنا نعرفها…
ثم ننظر إلى الأرض بحثا
عن أثر تلك الخطى التى خطوناها
حين كنا نمشي كتوأمين للحب والمطر…
قد نشتاق إلى فنجان قهوة
في مقهى كان يوما يجمعنا..
لابتسامة أو نظرة أو لمسة حانية
قد نشعر ببعض البرد يأكل عضامنا.
قد نطرده ببعض الذكريات الدافئة.
قد نبحث عن أبواب الحانات التي
وهبتنا بعض الألفة الفانية..
قد تنتابنا رغبة لاقتحام نداء الرغبة..
لكن كل ذالك يغيب في لحضة ..
حين نتذكر اننا جُبلنا كي
نترك كل شيء وراءنا ونمضي؛
الحذاء والمعطف والرسائل
وحميمية الغرفة الصغيرة ..
ولن يرافقنا في آخر الرحلة
سوى ظل تقوس ظهره تعبا
من كثرة ما انحنا ليلتقط
بعض ما تساقط منا في
رحلت العبور الطويلة..