نصوص

وحش كبير

مريم طبطبائي
بين تلك البيوت اليمنية الحمراء
وبين واحات الغيم الرماديّ
وحشٌ كبيرٌ جداً
كلما أردنا اصطيادهُ
تخبّأ في قلب طفلة..!!
في كل يوم
ينظّف أجنحته بصغار الحبّ
يأتي بعيدية الشواء
(من بلاد العم سلمان)
يُقلِّمُ أنيابهُ الطويلة
وبلا أي صوت
يدسُّ نَفْسَهُ في طبق الحساء اللامالح
والباقي من إخوته
يُسقطونَ لون الحياة في بئربعيد
ينتظرون كل من يمرَّ أيضاً
على شفّة كوب ماءٍ
لا يشبه الماء
كي يلقوا بجرثومة الموت الخاطف
حيث لا سيّارة ليمروا من هناك
فينتشلوا الألم..!!
—————
رأيتُ أمّاً كثيرة الضحك
تقصُّ طرحتها وتجمعُ الخرز
تقطعُ فستانها لفافاتٍ
كحُلُمٍ ويقع
لتصفّي الماء الأخضر
عسى يعلق الوحش الآخر الصغير بين خيوطه
فلا عيسى ليأتي اليمن
ولا مريم لتشيرَ الى المهدِ
فيحكي الطفل بالإشارة
عن شَيْءٍ ما يأكل أحشائه
وتموتُ الأم من الضحك الموبوء…
—————–
الذين لم يتذوّقوا الكوليرا
ووجبة الطائرات الحارّة
خسروا طعم الموت الفَارِه
والعمر المحمّص على وجهه
خسروا الحُرقة النازلة الى القلب
والصاعدة لأوّل حبال البكاء
هذا الطعمُ لا يليقُ بأبناء الطاولات المستديرة
والخبز الإفرنجي
هذا وبالذات
وحصراً
لأولاد الصحراء اللاعاقرة
المتميّزون باللون البنيّ الفاتح
وحذاء الإصبع الواحد
لذا
لن تتذوقوهُ يوماً
إذا لم تعرفوا أن اللحم البشريّ في بلادنا
يُؤكلُ أكثر من
لحم النياق…!