نظرية (الكارما) اللانهاية في قصيدة الهايكو

نظرية (الكارما) اللانهاية في قصيدة الهايكو

تعتمد قصيدة الهايكو كبوابة أدبية على المطروح من النظريات الجديدة او القديمة على حد سواء نتيجة جمالية الأتاراشيمي  من خلال الجدة في تنوع مواضيعها،  أو التجديد المتواصل لما هو قديم ويعتبر هذا المصطلح من أكثر الجماليات التي اعتمدها باشو الأب الأول للهايكو في كل نصوصه ، حيث لا نجد نصًا تراثيًّا كتبه باشو الا وتوجد فيه هذه الجمالية حتى فيما كتب من جاء بعده من  أساتذة الهايكو،  إلى درجة اعتمدوها في أهم جماليات كتابة الهايكو .

ولعل مصطلح الكارما ملفت بعد أن تم تبنيه كنظرية حديثة إلا أن أصوله متجذرة في العديد من الديانات والثقافات الإنسانية.  حيث تعرف الكارما في الويكيبيديا;

” يطلق لفظ كارما على الأفعال التي يقوم بها الكائن الحي، والعواقب الأخلاقية الناتجة عنها. إن أي عملٍ، خيِّرا كان أو شّرا، وأي كان مصدره، فعل، قول أو مجرد فكرة، لا بد أن تترتب عنه عواقب، ما دام قد نَتَج عن وعي وإدراك مسبوق. وتأخذ هذه العواقب شكل ثمارٍ تنمو، وبمجرد أن تنضج تسقط على صاحبها، فيكون جزائُه إما الثواب أو العِقاب. قد تطول أو تقصر المدة التي تتطلبها عملية نضوج الثمار (أو عواقب الأعمال)، فالكارما هي قانون الثواب والعقاب المزروع في باطن الإنسان.”

 

 تبرز صعوبة التوصل إلى تعريف للكارما ، نتيجة تنوع الآراء بين مدارس الهندوسية؛ يعتبر بعضها، على سبيل المثال، الكارما والولادة الثانية مرتبطتان وجوهريتان في الوقت ذاته، لذا الكارما هي الاستمرارية المرجوة في أعمال الخير والشر كقانون الجذب العام ، فلكل فعل رد فعل يساويه بالقوة والاتجاه ، بالتالي إذا عكسنا هذا القانون على النوازع البشرية،  تعطي استمرارية تامة حتى بعد الفناء الى اللانهاية . ولعل المشهدية في الهايكو غير قادرة على التعليل الفلسفي ، إلا أنها توحي باستعارتها الضمنية نحو الكثير من النظريات القابلة للتأويل بحسب البؤرة الشعرية في النص كنص الهايجين السورية (مانيا فرح)

شمسُ المَغِيب؛

نحوَ الشرقِ تستطيلُ

ظلالُ القبورِ

 

اعتمدت فرح في نصها التضاد المعروف اصطلاحًا في الهايكو الكيري (kire) وهو أحد جماليات الهايكو،  يؤدي هذا المصطلح معنى “القطع. “وبالمثل، فإن التأثيرات المنفصلة لاعتماد الهايكو على القطع، والتي يسميها جيلبرت” أساس الهايكو “، قد تبدو وكأنها تشير إلى الذات المجزأة التي نختبرها عندما لم نعد نعيش في النظام التخيلي. ولكن كما يشير جيلبرت  “إنه فعل القطع الدلالي الذي يصوغ بشكل متناقض الإحساس بعدم الازدواجية ، أي إحساس القارئ بالتماسك الناشئ عن الجوانب المجزأة للهايكو. فإن لم يحدث التماسك فلن تكون لدينا قصيدة، بل مجرد مجموعة من الأجزاء اللغوية “(1).

 

الا ان النص لم يكتفِ بهذه الجمالية فقط إنما اعتمدت في تركيبها البنائي على الصورة المتجاورة Juxtaposition ، هو فعل أو مثال لوضع عنصرين قريبين من بعضهما أو جنبًا إلى جنب. ويحدث ذلك غالبًا للمقارنة / للتباين/ للتضاد بين الاثنين، لإظهار أوجه التشابه أو الاختلافات بين الشرق والغرب في النص واستخدامه كفكرة أساسية لأحكام الكيري من جهة، وإعطاء تماسكٍ قوي بالتجاور أو التباين.

بما اني اشرت في مطلع المقال الى عنصر جمالي في الهايكو أتاراشيمي   Atarashimi ، فمن الضروري التعريج على أهم الجماليات في نص الهايكو الواجب توفرها لإعطاء النص القيمة المرجوة ، إضافة إلى الكيري،  فقد اختزلت الكاتبة نصها بأقل عدد من الكلمات بتكثيف رائع وما يطلق عليه الشيبومي في النقد الدلالي في الهايكو الياباني،  بالإضافة الى احاطة النص بعامل جمالي آخر وهو اليوجين الإضمار في النص ، الذي يخول للمتلقي التحليق عاليا في ما بعد النص. بالتالي هي أكملت جميع جماليات الهايكو في هذا النص المدرك.

 

Atarashimi

Shibumi، Aware، Kire

Yugen

 

الجدة / الحداثة

التجاور، الإدراك، الاختزال

الغموض

إن الكارما الموحاة في هذا النص، هي تغير اتجاه الظل نحو الشرق أشارت به الكاتبة أن الاستمرارية في الحياة لا يحكمها الفناء المطلق، انما الانسان يستمر ويمتد بذكره. ولعل الثقافات الإنسانية ثابتة على هذا المنوال في استنتاج ما سيجنيه الشخص إما في هذه الحياة أو القادمة منها؛ وهكذا، فالأفعال الجيدة أخلاقيًا سيكون لها عواقب إيجابية، بينما تنتج الأفعال السيئة نتائج سلبية. هكذا يمكن تفسير الوضع الراهن لفرد ما بالرجوع إلى أعمال فعلها في حياته الحالية أو في حيوات سابقة كما هو في النظرية الهندوسية والبوذية. الكارما ليست «ثوابًا أو عقابًا» بذاتها، لكنها القانون الذي ينتج العاقبة إلى ما لا نهاية.

 

 

 

 

المصادر

1(متعة بين الكيري: نهج لاكاني اتجاه هايكو بقلم إيان مارشال)

2 مسرد الهايكاي مصطلحات الهايكو