نصوص

أشْياء طَارِئة

فؤاد الشردودي
 
تخَفَّفْتُ مِن الكَلامِ
وَدخلْتُ قَاعة السِّينما مُبتَسِما
وَلم أخْرُج بَعْدُ
سَافرتُ في القِطارات السَّريعةِ التي تقْطعُ الغَابة دُون صَوْت
راقبْتُ أصُولي مِن النَّوافذ كمُوسِيقيّ
لم أشْعُر بالبرْد لأنَّني أحمِل الفُصُول في جَوارِبي
لكنَّني لم أَصِلْ
لَعبْتُ الكُرةَ في مدرجِ طَائراتٍ
وَأحْببْت الكَوْن بِكل ما صَنعْتُه منْ جثَامِين
 
رسمْتُ الحيَاة كسيِّدةٍ سَاخنة ترقُصُ على عَمُود الألمنيُوم
لا يَهمُّها الماءُ الذِي يجْري تحْت قدمَيْها
والذِي هُو في الأصْل دُمُوع رِجَال
كُنْت مُولعاً بحلِّ الألْغَاز
والتَّصنُّت على كَلام العاهِرات في الفنَادِق الرَّخيصَة
كُنْت أصْنع ألْواني مِن بقَع زيْت المحرِّكات والأفْلامِ الرِّوائية
رَسمْتُ التَّجْريديَّ كثيراً
وَصعَّبتُ عليَّ طريقَ العوْدة إلى المنْزل..
ومنْ أجْل أن تَرضَى عليَّ الأشْياءُ الطَّارئةُ
كُنْت أفتَحُ أزْرار قمِيصي وأُظهِر شَعْر صَدْري للفَناجِين وللرَّجَّات العَاطِفيَّة
 
لمْ أكُنْ جَباناً ولا عُدْوانياً
سَافرْتُ في وقْتٍ كان السَّفرُ فيهِ سُقوطاً في الهاوِيةِ
وليسَتْ لي عَداواتٌ معَ الشُّوكولاتا والتِّكنُولوجْيا اليَابانِية
وَلا معَ كُلِّ أشْكالِ التَّعْبِير الأُخْرى
الموسِيقيُّونَ أصْدِقائي منْذُ نصْف قرْن
كنْتُ أسِيرُ معَهم بلا كَللٍ إلى شمُوع الحيَاة
كَيْ تبدُو لنا الإيقَاعاتُ عَاريةً
تَستَحمُّ في أسْفل النَّهْر
كُنا نحِسُّ بجلُودنا وهيَ تتحَوَّلُ إلَى حبَّاتِ رمَّان
ولم نكُنْ نلْقي بالاً لثقْبِ الأوزُون
كنَّا نُوسِّعُه قدْر ما نشَاء كيْ تعبُره مَواكِبنا الرسْميَّةُ
كَان الأدَبُ بالنِّسْبة إليَّ
مُجَرَّد ذريعَة لنقْص الِميلانِين
حَتَّى قَصائدِي لم تكُن حَزينةً
كنْت أكتُب للعَشيقاتِ عنْ ضيقِ الوقْت
وعَن فُرص الكَراسِي الفَارغة في آخِر قَاعة السِّينِما
وعَنْ حفْظ أمَانةِ الهينِيكنْ
في وعْيٍ تامٍّ بفِكْرة فُوكُوياما
عن السَّير دُون سبَبٍ مُعلنٍ إلى
مَعارضِ الرسَّامِين المبْتدِئين
شَفَتايَ كانتا تتحَجَّران بفعْل الكَوابيسِ الثَّقيلَة
ورَحَلاتِ الصَّيد برُوح ذئْب
 
كَرهْتُ السُّلطة كمَا كرهْتُ زَوْجة أَبي
وَنزَلتُ مِراراً إلى الشَّارع
منْ أجْل التصْعيدِ ضِدَّ عُلبِ الطَّباشِير واليَمينِ المتَطرفِ
وَقلْتُ مِراراً لليسَارِ : كُنْ أسَداً و َكُلْني
كُنْت قاضِياً غيْر عَادلٍ
معَ ذلك كنْت أرسُم مِيزاناً فوقَ رؤُوس قتْلايَ
وأطْليهمْ بالزَّيْت
وكلُّ الذِين كانُوا يكتُبون لي ” محَبةٌ لا تَشِيخُ”
كَانت محَبَّاتُهم تتَّكِئُ على عُكازاتِ عَيْني قبْل أن تُصَاب بالشَّلل .
لطَالما وقعْتُ على كُنوز من ذَهبٍ و ألماس صرفْتهَا في جُملٍ شِعْريَّة
بينما كَانتِ الحيَاة تظْهرُ عبْر التِّلفازِ مُشوَّشة
كنْت أكْتبُ للأنبياءِ
عُذراً ..التَّشويشُ من المصْدَر.
كنتُ أُطَارد الحُرية
وكَانت تُطارِدُني السُّجُونُ