نصوص

حياة أولى

محمد حربي
****
في حياة أولى كنت أعمل في حديقة
لكني أجهل طبيعة عملى
ولا أعرف ما تطرحه يداي من ثمر
كنت أعمى
عرفت ذلك
من نور خفيف لمع فجأة أضاء السماء فوقي
ثم انطفأ كمصباح خجول
على شاطىء البحر
***
هل قلت إن الجزيرة كانت ملأى بصفير متقطع
يشبه نداءات طلاء نسيته الأظافر
وهل قلت إنني أحفظ الاسماء التي مرت كلها ولم تعد :
قطط بنباح كلاب تموء
وذئاب لا تتقن العواء
الا اذا التهمت اثداءها الحجرية
وسفن ورقية تعرف الطيران
حتى تقطف بكاء تجمد فوق فروعي
****
كنت أجهل فقط
كيف يمكن لثدي من حجر
أن يغني حليبا لشفاه تسبح فوق سفن
وتعرف القبل
وكيف يمتص الرحيق من فرشات عمياء
نحل مفرد على شكل الجموع
لكنني عرفت سر خروجي
تناولت حلما ملونا من رفوف أشجار معلقة
وفككت شجرة بورقها
كما أوصتني ساحرة في الحلم
من يومها وانا لا أرى شجرا
الا إذا غفوت
أو قطعت إصبعا
ونجحت في منع النزيف
*****
في حياة أولى كنت ثمرة
ملقاة على طريق
كيف صرت شجرة بلا ثمر ؟
سأعرف في حلم آخر
لا تخبروا الصيادين بموعد الحصاد
ولا القراصنة في ملابسهم المخططة
ربما يستطيع البحر الهرب معي
برغيف طري
وتذكروا أنني لم أعبر الجسر حافيا
ولم أنزف دمي بعد
****
*من مجموعة “يوميات شيطان متقاعد