نصوص

الغُــــــــــــــــــــرباء

جبار ياسين
يموتُ الغرباءُ على مسطبة في حديقة
أو في شقةٍ ليس فيها غير مقعدٍ واحدٍ للجلوسِ
ومنضدة وبعض الكتبٍ.
وأحيانا، في قلب الجدار، أقدم صورةٍ للعائلةِ.
يحدثُ أنْ يموتَ الغريبُ في صالةِ مطارٍ لبلادٍ بعيدةٍ.
البعضُ ماتَ في الطّائرةِ
حينَ عادَ مِنْ بلادهِ بعدَ فراقٍ طويلٍ
.
الغرباءُ كائناتٌ مِنْ فضاء الغيابِ، لا كواكبَ تأويهم ولا بيوت.
فضاءٌ مِنَ الهواء.. فضاءٌ مِنَ الذّكريات.
الطعامُ ردئ دائما
فذائقةُ الغريبِ لا وجودَ لها إلا في خيالهِ.
النبيذُ له اكسير نسيان في المساء حينَ يحلُّ الخريف،
وتسقطُ اوراقُ الشّجرِ في صمتٍ مقدسٍ كأيقاعِ روحٍ تغادرُ جثمانها،
أو سفينة تقلعُ مِنْ مرفئها عند الغروبِ،
ترافقها النّوارسُ مِنْ بعيدٍ.
لحظتها، ينهالُ دمعُ الغريبِ
بصمتٍ
لسببٍ يجهله .
يأتي الحنينُ مِنَ كواكبٍ لا تُرى،
كباقاتِ وردٍ بعطرٍ لا يشبه إلا عطر فردوس الطّفولةِ
كأن الحواس خُلِقت مِنْ أجلهِ .
تمضي القصصُ القديمةُ والحكاياتُ في ومضةِ برقٍ أمام عينيهِ،
كأنها الأمس أو أقربُ مِنْ هذا.
ينسى الغريبُ حاضرهُ، ولكن تذكّره رسالةً في بريدِهِ
أنّهُ يعيشُ بين البشرِ، له ما عليهم .
لا مكان لهذا الغريب،
فكلُّ مكانٍ بعيد وكلُّ مكانٍ مركز الكونِ
يستحيلُ الوصولُ إليهِ حين نكون غرباء .
حقائبُ الغرباءَ لا تشبه إلا حقائب الغرباءَ.
صورٌ وبعضُ الكُتبِ، بعضُ الملابسِ،
حلوى مصنوعةٌ في البيتِ ورسائل لم تنتهِ،
غبارٌ وعطرٌ مِنْ بلادِ الأمومةِ،
لا ينمحي أثرهُ بعدَ نصف قرن .
الغرباءُ يمشونَ على أرصفةِ المُدنِ
الغريبةِ دوما
ولو بعد نصفِ قرن،
أو أقلُّ أو ربما أكثرُ مِنْ هذا..
تعرفُهُم مِنْ مشيهم.
إنّهم في مكانٍ آخر أبعد مِنْ هذا الرّصيف .
الغرباءُ دائماً يعيشونَ حُلْماً ،
نوره خافتٌ، لغتُهُ صامتةٌ، أحداثُهُ فوضى
مكانين لا زمان لهما..
المساءُ والفجرُ في آنٍ معاً.
مسرحٌ هُم ممثلوهُ ومخرجوهُ
في الحُلمِ، دوماً، يضيعونَ جواز السّفر
ولا يعثرونَ على بيوتهم.
لا أحد يعرفُهم.
كلُّ شيءٍ يأتي بعدَ فواتِ الأوان.
المكانُ الذي اختاره الحُلْمُ،
خرائب وأطلال بيوت خالية،
لا بشر في الشّوارعِ
ولا كلاب سائبة.
فجأةً
وجهُ أمٍّ بلا قسماتٍ
وطريقٌ خالٍ وطويل.
حُلْمٌ لا ينتهي
يمرُّ بحلمٍ آخر يحدث في دائرة البريد
ثم مشهدُ سفينةٍ ، تعلّقت أشرعتها بأغصانِ الشّجر،
منه يبزع مشهد آخر، مِنَ الماضي .
يقولُ الغريبُ لنفسِهِ: كلُّ مكانٍ نغادرهُ يصيرُ طللاً
وكلُّ مكانٍ نصلُ إليهِ صحراء لا نهايات لها .
الغُــــــــــــــــــــرباء
يموتُ الغرباءُ على مسطبة في حديقة
أو في شقةٍ ليس فيها غير مقعدٍ واحدٍ للجلوسِ
ومنضدة وبعض الكتبٍ.
وأحيانا، في قلب الجدار، أقدم صورةٍ للعائلةِ.
يحدثُ أنْ يموتَ الغريبُ في صالةِ مطارٍ لبلادٍ بعيدةٍ.
البعضُ ماتَ في الطّائرةِ
حينَ عادَ مِنْ بلادهِ بعدَ فراقٍ طويلٍ
.
الغرباءُ كائناتٌ مِنْ فضاء الغيابِ، لا كواكبَ تأويهم ولا بيوت.
فضاءٌ مِنَ الهواء.. فضاءٌ مِنَ الذّكريات.
الطعامُ ردئ دائما
فذائقةُ الغريبِ لا وجودَ لها إلا في خيالهِ.
النبيذُ له اكسير نسيان في المساء حينَ يحلُّ الخريف،
وتسقطُ اوراقُ الشّجرِ في صمتٍ مقدسٍ كأيقاعِ روحٍ تغادرُ جثمانها،
أو سفينة تقلعُ مِنْ مرفئها عند الغروبِ،
ترافقها النّوارسُ مِنْ بعيدٍ.
لحظتها، ينهالُ دمعُ الغريبِ
بصمتٍ
لسببٍ يجهله .
يأتي الحنينُ مِنَ كواكبٍ لا تُرى،
كباقاتِ وردٍ بعطرٍ لا يشبه إلا عطر فردوس الطّفولةِ
كأن الحواس خُلِقت مِنْ أجلهِ .
تمضي القصصُ القديمةُ والحكاياتُ في ومضةِ برقٍ أمام عينيهِ،
كأنها الأمس أو أقربُ مِنْ هذا.
ينسى الغريبُ حاضرهُ، ولكن تذكّره رسالةً في بريدِهِ
أنّهُ يعيشُ بين البشرِ، له ما عليهم .
لا مكان لهذا الغريب،
فكلُّ مكانٍ بعيد وكلُّ مكانٍ مركز الكونِ
يستحيلُ الوصولُ إليهِ حين نكون غرباء .
حقائبُ الغرباءَ لا تشبه إلا حقائب الغرباءَ.
صورٌ وبعضُ الكُتبِ، بعضُ الملابسِ،
حلوى مصنوعةٌ في البيتِ ورسائل لم تنتهِ،
غبارٌ وعطرٌ مِنْ بلادِ الأمومةِ،
لا ينمحي أثرهُ بعدَ نصف قرن .
الغرباءُ يمشونَ على أرصفةِ المُدنِ
الغريبةِ دوما
ولو بعد نصفِ قرن،
أو أقلُّ أو ربما أكثرُ مِنْ هذا..
تعرفُهُم مِنْ مشيهم.
إنّهم في مكانٍ آخر أبعد مِنْ هذا الرّصيف .
الغرباءُ دائماً يعيشونَ حُلْماً ،
نوره خافتٌ، لغتُهُ صامتةٌ، أحداثُهُ فوضى
مكانين لا زمان لهما..
المساءُ والفجرُ في آنٍ معاً.
مسرحٌ هُم ممثلوهُ ومخرجوهُ
في الحُلمِ، دوماً، يضيعونَ جواز السّفر
ولا يعثرونَ على بيوتهم.
لا أحد يعرفُهم.
كلُّ شيءٍ يأتي بعدَ فواتِ الأوان.
المكانُ الذي اختاره الحُلْمُ،
خرائب وأطلال بيوت خالية،
لا بشر في الشّوارعِ
ولا كلاب سائبة.
فجأةً
وجهُ أمٍّ بلا قسماتٍ
وطريقٌ خالٍ وطويل.
حُلْمٌ لا ينتهي
يمرُّ بحلمٍ آخر يحدث في دائرة البريد
ثم مشهدُ سفينةٍ ، تعلّقت أشرعتها بأغصانِ الشّجر،
منه يبزع مشهد آخر، مِنَ الماضي .
يقولُ الغريبُ لنفسِهِ: كلُّ مكانٍ نغادرهُ يصيرُ طللاً
وكلُّ مكانٍ نصلُ إليهِ صحراء لا نهايات لها .
الغُــــــــــــــــــــرباء
يموتُ الغرباءُ على مسطبة في حديقة
أو في شقةٍ ليس فيها غير مقعدٍ واحدٍ للجلوسِ
ومنضدة وبعض الكتبٍ.
وأحيانا، في قلب الجدار، أقدم صورةٍ للعائلةِ.
يحدثُ أنْ يموتَ الغريبُ في صالةِ مطارٍ لبلادٍ بعيدةٍ.
البعضُ ماتَ في الطّائرةِ
حينَ عادَ مِنْ بلادهِ بعدَ فراقٍ طويلٍ
.
الغرباءُ كائناتٌ مِنْ فضاء الغيابِ، لا كواكبَ تأويهم ولا بيوت.
فضاءٌ مِنَ الهواء.. فضاءٌ مِنَ الذّكريات.
الطعامُ ردئ دائما
فذائقةُ الغريبِ لا وجودَ لها إلا في خيالهِ.
النبيذُ له اكسير نسيان في المساء حينَ يحلُّ الخريف،
وتسقطُ اوراقُ الشّجرِ في صمتٍ مقدسٍ كأيقاعِ روحٍ تغادرُ جثمانها،
أو سفينة تقلعُ مِنْ مرفئها عند الغروبِ،
ترافقها النّوارسُ مِنْ بعيدٍ.
لحظتها، ينهالُ دمعُ الغريبِ
بصمتٍ
لسببٍ يجهله .
يأتي الحنينُ مِنَ كواكبٍ لا تُرى،
كباقاتِ وردٍ بعطرٍ لا يشبه إلا عطر فردوس الطّفولةِ
كأن الحواس خُلِقت مِنْ أجلهِ .
تمضي القصصُ القديمةُ والحكاياتُ في ومضةِ برقٍ أمام عينيهِ،
كأنها الأمس أو أقربُ مِنْ هذا.
ينسى الغريبُ حاضرهُ، ولكن تذكّره رسالةً في بريدِهِ
أنّهُ يعيشُ بين البشرِ، له ما عليهم .
لا مكان لهذا الغريب،
فكلُّ مكانٍ بعيد وكلُّ مكانٍ مركز الكونِ
يستحيلُ الوصولُ إليهِ حين نكون غرباء .
حقائبُ الغرباءَ لا تشبه إلا حقائب الغرباءَ.
صورٌ وبعضُ الكُتبِ، بعضُ الملابسِ،
حلوى مصنوعةٌ في البيتِ ورسائل لم تنتهِ،
غبارٌ وعطرٌ مِنْ بلادِ الأمومةِ،
لا ينمحي أثرهُ بعدَ نصف قرن .
الغرباءُ يمشونَ على أرصفةِ المُدنِ
الغريبةِ دوما
ولو بعد نصفِ قرن،
أو أقلُّ أو ربما أكثرُ مِنْ هذا..
تعرفُهُم مِنْ مشيهم.
إنّهم في مكانٍ آخر أبعد مِنْ هذا الرّصيف .
الغرباءُ دائماً يعيشونَ حُلْماً ،
نوره خافتٌ، لغتُهُ صامتةٌ، أحداثُهُ فوضى
مكانين لا زمان لهما..
المساءُ والفجرُ في آنٍ معاً.
مسرحٌ هُم ممثلوهُ ومخرجوهُ
في الحُلمِ، دوماً، يضيعونَ جواز السّفر
ولا يعثرونَ على بيوتهم.
لا أحد يعرفُهم.
كلُّ شيءٍ يأتي بعدَ فواتِ الأوان.
المكانُ الذي اختاره الحُلْمُ،
خرائب وأطلال بيوت خالية،
لا بشر في الشّوارعِ
ولا كلاب سائبة.
فجأةً
وجهُ أمٍّ بلا قسماتٍ
وطريقٌ خالٍ وطويل.
حُلْمٌ لا ينتهي
يمرُّ بحلمٍ آخر يحدث في دائرة البريد
ثم مشهدُ سفينةٍ ، تعلّقت أشرعتها بأغصانِ الشّجر،
منه يبزع مشهد آخر، مِنَ الماضي .
يقولُ الغريبُ لنفسِهِ: كلُّ مكانٍ نغادرهُ يصيرُ طللاً
وكلُّ مكانٍ نصلُ إليهِ صحراء لا نهايات لها .