هايكو

الهايكو العربي بين التجديد و التقليد

حسن رفيقي

التشينكو هايكو كمدرسة قابلة للتبني بقوة من طرف مجموعة من الهايجن العرب. التشينكو هايكو مدرسة تجمع بين التقليدي و الحديث مع الاستغناء عن تقنيات “الكيغو” والتقطيع الصوتي مع إمكانية الاحتفاظ بالتقنيات الأخرى. من أهم مؤسسيها في اليابان: المؤسس كاكيو توميزاوا (1902/1962) سانكي سيتو (1900/1962) هوساكو تشينوهارا (1905/1936) سوشو تاكايا (1910/1999) هوكوسين وتاناب (1913/1969) و هذه المجموعة خلقت حركة مجددة متشددة أطلقت عليها حركة شباب التجدبد تشينكو هايكو (الهايكو الجديد) فقد رفض هؤلاء الشباب شرط الكيغو و بحثوا عن عصرنة الهايكو مستخدمين الأدب الغربي كنموذج و كثير منهم تعاطف مع الفكر الاشتراكي أو الفلسفة البوذية. هؤلاء الشباب كانوا هم القلب النابض لمجلة الهيتوتوجيسو التي كان يشرف عليها الهايجن الكبير كيوشي تاكاهاما (1874/1959) و بعد خروج سيوشي ميزوهارا من المجلة سنة 1931 بدأت فكرة التحرر من التقليدي تراود الشعراء الشباب فأسسوا مدرسة تشينكو هايكو التي تعرضت لهجمات شرسة من طرف التقليديين المتشددين متهمين كاكيو توميزاوا بمحاولة تخريب الهايكو و تغيير معالمه باعتباره شعرا قصيرا حقيقيا لا ينقل إلا الحقيقة المختصرة و أن أسلوبه الكاكيو يعتمد على الغموض و المماثلة و الاستعارة لأنه اعتمد على الرمزية المستنبطة من الأسلوب الغربي.

فقط للتنويه فمدرسة التشينكو هايكو لم تتخل عن الطبيعة كأساس للهايكو بل تخلت عن الكيغو و التقطيع الصوتي.

من أهم كتاب التشينكو هايكو العربي هم: سامح درويش المغرب/ عمار حمودي سوريا/ محمود الرجبي الأردن/ محمد نسيم مصر/ سامر زكريا و فادي عوض من سوريا/ رشيد قدوري أبو نزار المغرب/ ربيع الأتات لبنان/عبد الستار البدراني العراق/هدى بنادي و مريم لحلو من المغرب/سعد قليمس العراق/ فراس الصفار العراق /سامي حمروني تونس/نضال سعيدي و لخضر بركة من الجزائر و اللائحة طويلة .في هذه الدراسة سأستعرض عليكم نماذج لقصائد تشينكو هايكو عربية مع قراءات تفكيكية تأويلية لها أستهلها بقصيدة للهايجن العربي المغربي سامح درويش. وقد اعتمدت في الحصول على معلوماتي على كتاب تاريخ الهايكو الياباني للهايجن الياباني ريو يوتسويا الذي ولد سنة 1958 ترجمه إلى اللغة العربية الأديب و المترجم المغربي سعيد بوكرامي.

قراءة في هايكو سامح درويش

ظلمة،
المرآة ضريرة

لا تراني

إنه هايكو يحترم معظم تقنيات الهايكو. إنه هايكو مما يعرف بالموكي هايكو أحد مكونات المدرسة الحديثة تشينكو هايكو و الموكي هايكو هو التخلي عن العبارات الدالة على الفصول أو الأعياد و المواسم كيغو هايكو .تقنية “السابي” حاضرة بقوة و هي ما يلحقه الزمن بالكائنات و الأشياء و الزمن هنا هو فترة الظلام او وجود المرآة في مكان مغلق يفقدها خاصية ترجمة و انعكاس الصورة (في عالم الطبيعة يعتبر الليل منطقة زمنية تقل فيه الحركة و الأصوات ، الليل إذن أثر على المرآة فأصابها العمى )تقنية “الشيوري” و هي الإيحاءات المنبعثة من القصيدة دون التعبير عنها بصريح العبارة (السلام/ التفاؤل/التحدي/ الذي يعبر عنه بالألوان و الطيور/ أبيض/ حمام/ / الحزن و اليأس و التشاؤم/ أسود/ غراب)تقنية “الوابي” حاضرة بقوة و هي تلك اللحظات الوجدانية التي يقف فيها الشاعر أمام مرآة لا تعكس صورته بسبب الظلام أو بسبب وجودها وراء حجاب مما يجعل الهايجن حزينا لا يستطيع حتى التعرف على ملامح وجهه فهي مرآة اصبحت عاجزة عن ترجمة الأحداث و هنا يلتقط الهايجن مشهدا مبهما من عمق الظلام ليترجمه إلى واقع و لحظة استنارة قوية و هو ما بيعرف الساطوري أي لحظة التأمل و إخراج الفكرة و الحدث القوي المدهش إلى النور بعد السفر بنا عبر تقنية شاسيي و اقتناص لحظة الحقيقة الأبدية من عمق الطبيعة.

الشاعر هنا لم يستعمل تقنيتي “هوسومي” عشق الأشياء البسيطة و اكتشاف بهائها و”الكارومي” و هو الظرف الذي يخفف من الجدية و الصرامة.

الهايكو لا يوجد في الحرف و إنما في القلب لذلك على الهايجن أن يحاول التعبير عن البهاء الكامن في أبسط الأشياء الموجودة في الحياة، و أن أي تغيير يلحق بها ينعكس على الهايجن وجدانيا فيترجمه للمتلقي بطريقة مدهشة حد الثمالة و هذا ما يسمى بتقنية “شوفو” التي ابتكرها باشو.البعض سيقول إن ظلمة ترمز لـ “كيغو صغير” هنا أقول له إن الظلمة لا تعني دائما فترة الليل فالظلمة تكون في غياهب السجون، تكون وراء الأبواب الموصدة لذلك قلت هذا “موكي هايكو.”

بالنسبة للتنحي ربما تجاوزه الشاعر هنا فهو غير ملزم في مدرسة “تشينكو هايكو”. أما بالنسبة للشيبومي اي تقنية الاختزال و المشهدية المكثفة فالهايجن هنا استعمل فقط أربع كلمات زائد حرف لا النافية و هذا ما زاد هذا الهايكو روعة و جمالا ،فقوة الهايكو في بساطته و قلة كلماته.