هايكو

عصافيرُ الصّنوبرة تغنّي بلا صوت

هدى حاجّي
تونس
قصائد هايكو
—————
أيتّها الوردة الوديعة
كيف عبرت بسلام
غابة الحياة !
——
أسراب اللقالق
تطعن السّحاب
بياض يغوص في بياض
قطرة الندى
على حبّة  التُّوت
تحاول إمتطاء الشُّعاع
لابدّ أنّ القمر
مكتمل خلف الغيوم
أشياء كثيرة تغافلنا
قمر أيّار
زيزُ  الحصاد
يَجْرَحُ السكون
في ضوء القمر
موسيقى حفيف
غابة قصب
قمرُ الليلة
يكاد ينزل للرّصيف
مَنْ يُخْبِرُ العُشّاقَ
في البحيرة الصافية
يغسلن رؤوسهن
شجرات الصفصاف
مُنْحَدرات جبلية
صفصاف منسدل
يُمَشِّطُ مجرى النهر
جَدْوَلٌ يُسَقْسِقُ
لابدّ أنّها جَذْلى
أرواحُ الماء !
بركٌ مطر ملتمعة
تشربُ الطيورُ
مناقيرها
ِ في فَوْهةِ مِدخنة
يقيمُ جيراني
عشٌُّ عصافيرٍ
——
على نافذتي
تنقر الشحرورة حبّات كرز
ضيفتي لا تراني
أين تراك غبتَ يا قمر
يَخْذُلُني النور
و لا أرحلُ
غيومُ خريفٍ
بوكنفيليا حمراء
مضاءةٌ بأزهارها !
لا يَتَوَقَّفُ
لِيُوَبِّخَ الجدْولَ الفلتان
نهرُ دافقٌ
——
عرباتٌ و خُيُولُ غيمٍ
ما مِنْ حُوذِي
سوى الريح !
مسكُ اللّيلِ
شيءٌ ما في عَبَقك
يُفْشِي حبوري
عُذرًا يا مطر
ليس معنى اِختبائي
أنّي لا أُحِبُّكَ  !
من ورقةٍ إلى ورقةٍ
قطرة مطر
تنزلقُ إلى الهاوية
على الرّمل القائظ
يحفر المطر
مثواه
لا جُنَاحَ على الفَرَاشِ
بين الزُّهورِ يلهو
العالم يشقى
في غفلةٍ مِنّي
وردُ السِّيَاجِ
يركضُ في إتِّجَاهِ المدرسة
أوّل أيام المدرسة
عصافيرُ الصّنوبرة
تغنّي بلا صوت
جرسُ المدرسة
عصافيرُ شجرة التين
تطيرُ في كلّ إتّجاه
——
في الرِّيح
التُرابُ ليس وطنا
لأحد
في الرّيح
تُلَوِّحُ زهور اللوز الراحلة
لشقيقاتها على الغصون
حقل خزامى
لن تذهب بعيدا
سيقان الزهر
على شجرة العُلِّيق
جَلَابِيبُ الفلاحات
تتجاذب أطراف الرّيح
واقفةٌ
تنتظر رياح أيلول
شجرة ُ صنوبر
ريحٌ عاتيةٌ
تمتليء بأصوات الخريف
ليلة آب
آخر عنقود عنب
ما يُبْقيها يوما آخر
سُنُونُوات مهاجرة
ما يضيئ الصباح الغائم
وجناتُ أطفال المدارس
زهور تفّاح
صَنَوْبَرَاتٌ وَرَاءَ صَنَوْبَراتٍ
تَنْحَدِرُ من السُّفوح
إلى بَرَارِي أُقْحُوَانٍ
ظلالُ غيوم قريبة
تعمّقُ أكثر
شروخ الرّوح
ظلالُ غيوم خفيضة
أشجارُ خريف
 تنوءُ بلا أوراق
غيوم الخريف الكئيبة
يتبدّدُ في ظلالها
اتّساع روحي
ساعة الغروب
غيمتان على حواف الشفق
وجها لوجه
في الغروب
أغصان التُّفاح
سيقانُ يمام
تحت ظلال الأقحوان
و لا يقلعُ قبّعته
فطرٌ برّيّ
من ثغور الفلامنجو
إلي مناقير الحسّاسين
مطر تشرين
بين ضفتين
جسر يرفرف
طيور الغاق
—-
أول ليلة خريف
أصوات زيزان تُخْمِدها
نقرات المطر