محمد عبد الوهاب الشيباني
غَنِّ أَيُّها الوَقْت
وَلَا تَقُل إنّ شَفَتَيكَ ضَامِرَتَان،
وَلَم يُونِعْهُمَا صَيفُ الحَرَائِق.
اُرقُص أَيُّهَا الوَقْت
وَلَا تَقُل إنّ عُكّازَ الأَعْمَى لَا يَنظُرُ إِلَى
أَقْدَامٍ مَنْسِيّةٍ فَتَّتَتْهَا الحَرْب.
اِزرَعْ شَجَرَة
وَلَا تَقُل إِنّ فَأسًا آثِمَة
صَارَت تَكتُبُ الشِّعْر.
أَفرِط فِي المَحَبَّةِ أَيُّها الوَقَت
وَلَا تَقُل إِنَّ مِخلَبًا مَسمُومًا
يَتَرَصَّدُ الفَرِيسَةَ فِي الجِوَار.
المَوتَى مَرُّوا مِن هُنَا
يَا صَدِيقِي الوَقت
وَهُم يَتَنَفَّسُون
لَكِنَّهُم كَانُوا بِغَيرِ أَلسُن
وَلَا قُلُوب،
استَبدَلُوا كَلِمَاتِهِمُ اللَّزِجَة
بِسَكَاكِينَ نَهِمَة
تُشبِهُ خُطبَةَ القَاتِل
الخَارِج مِن حَوصَلَةِ الدَّم
إِلَى المِنبَر.
لِهَذَا غَنِّ
وإن كَانَ الوَتَرُ أَصَمّ،
وَارقُصْ
وَإِن كَانَ الإِيقَاع
مُتَهَتِّكًا مِثلَ
حَنِينٍ بَارِد.
غَنِّ لِأَحلَامٍ مَخبُوءَة
فِي أَطرَافِ الفَسَاتِينِ القَدِيمَة
لِامْرَأَةٍ تَنتَظِرُ حَبِيبَها الَّذِي لَفَّتْه
غَمَامَةُ البَارُود.
غنِّ لِطِفْل
وَإِن كَانَ
يَرضَعُ الحَلِيبَ المُعَكَّر،
بِحَسَنَاتِ أَمِيرِ الحَرب
لَكِن لَا تَرقُص عَلَى
طُبُولِهِم
وَأَنَاشِيدِهم
الَّتِي تَستَمْطِر
الدَّم.