أنا صورة

 
رزان بنورة
وُضِعتُ مرةً
فوق سرير طفلة
وكنتُ فقط
أراقبها
وهي تبكي
وأمد اصابعي المبتورة
لاربت على كتفها ريثما تنام
وأبكي بدلاً عنها فتشق دموعي الجدران
على شكل
رُطوبة.
ووُضِعتُ فوق سرير عاشقين بعدها
وحظيتُ بليالٍ شتوية مجنونة
استمعت لحوارات في الفلسفة والدين والتاريخ
ولصمتٍ ضجيجي
ونكاتٍ بذيئة وضحكات
وشاهدتُهم يتحابون ويتضاجعون ويتهاوشون.
وغرتُ كثيراً … كثيراً ،
وتكورتُ بداخلي
إلى أن كُسِرتُ بهاتفٍ
ذنبهُ وذنبي
أننا كنا شاهدي زور!
ثم
وُضعتُ بجانب الحاوية
ومتسولٌ رآني
وأخذني
وأصلحني
وباعني لمحل خرداوات.
حينها ..
وُضِعتُ على حائطٍ شاحبٍ
في منتصفِ منزلٍ فارغ؛
أراد شابٌ تعيسٌ ووحيد
يبدو أنه شاعر
أن يؤنس وحدتهُ بي
كان يجلس أمامي ويحدق بي لساعاتٍ
ويكتب،
حتى اعتقدتُ
أنني الله !
لقد شاهدتهُ وهو ينتحر،
والله لا يُخبر الحقيقة
لن اخبركم ما حدث.
لكن يبدو أنني لستُ الله،
وفي الحقيقة
لا أرغب أن أكونه.
وإنني مهما تغيرت ومهما تغيروا
ولو اعادوا تشكيلي
او اعدت تشكيلهم
لي وظيفة في هذه الحياة
وظيفة واحدة
أن التصق بالحوائط
إلى النهاية.
هذه الوظيفة التي اخترتُ بطواعية
أن أموتَ فيها.
الحزن حائط
الحائط مصيري ومأواي وملجأي
أنا الصورة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*