أروهان ولي نورس الشعر  الغريب ونديم النجوم

 لتحميل ملف شخصية العدد PDF

شخصية العدد ملف

في بقعة ظليلة على ساحل “روملي حصار” باسطنبول، يجلس تمثال أورهان ولي، حاملا بيده كتاب، ورانيا ببصره الى البسفور، وبقربه عمود حجري يعتليه نورس لا يفارقه فهو الآخر نحت في حجر حافظا لذكرى شاعر من أهم شعراء تركيا.  الشاعر الذي شرح تيار ” غريب ” ليس بما كتبه فقط، وانما بمواقفه تجاه الحياة والابداع. ويعتقد صديق أيامه الأخيرة ” صباح الدين أيوب أوغلو” ان اورهان ولي عاش حياته وفقا لشعره ، وليس لكون شعره نتاج حياته، وهو الذي أسس تيارا غريبا بحياته اليومية، وعلاقاته العاطفية، والشائعات التي أطلقت عنه وعن سماته الشخصية.

وصفه صديقه سعيد فائق عباسي بقوله : ” كان يمتلك ساقين رفيعتين للغاية، معطفا قصيرا، وشاحا للرقبة يميل الى  اللون الأصفر الكناري، وجها مثلثا، ظهرا يشبه الصدر المنفوخ، ووجها أفسدته فترة المراهقة “

خلال حياته القصيرة عمل دون توقف، باحثا ومجددا لنفسه، خائضا مغامرات شعرية، اصبحت منهجا لعدد من الشعراء الاتراك والفرنسيين.

في سنوات قليلة حقق أورهان ولي ما كان يحتاج إلى أجيال متعاقبة لتحقيقه، مكرسا حياته كلها لتحويل وجهة الشعر التركي الحديث الى قصيدة النثر. ..مقتربا من خلال شعره من الناس، ومقربا الشعر اليهم بواسطة اللغة اليومية لحياتهم.

 

ولد الشاعر أورهان ولي قانيق في مدينة اسطنبول بتاريخ 13 نيسان عام 1914. وأثناء دراسته الثانوية تعرف على ( أوقطاي رفعت ) و ( مليح جودت ) في أنقرة حيث انتقل عمل والده الى هناك، بعد ها عاد مرة اخرى الى اسطنبول لدراسة الفلسفة ، لكنه ترك الجامعة وعاد الى أنقرة عام 1936 ليعمل موظفا في المديرية العامة للبريد والبرق والهاتف، وبعد انتهاء مدة خدمته “الجندية” كضابط احتياط عمل مدة عامين في مكتب الترجمة التابع لوزارة التربية حتى استقال عام 1947، وبدأ باصدار صحيفة نصف شهرية مؤلفة من صفحتين بعنوان (الورقة) والتي استمرت بالصدور حتى منتصف حزيران عام 1950.

تنقل بين انقرة واسطنبول .. وفي احدى زياراته لأنقرة سقط في حفرة في الطريق، ثم ساءت حالته فجأة وهو عند أحد اصدقائه، وتوفي مصابا بنزيف دماغي عام 1950. وسبب موت شاعر شاب في السادسة والثلاثين من عمره مفعما بالحب والفرح للحياة  حزنا عميقا في الوسطين الثقافي والشعبي فهو مؤسس مدرسة في الشعر التركي المعاصر، فقد دعم موقف قصيدة النثر بشعره البسيط والمختزل والذي تناول فيه التفاصيل الحياتية الصغيرة مقربا الشعر من هموم الانسان البسيط بلغة بسيطة، مما ساهم في انتشار الشعر شعبيا.

قام اورهان ولي بنشر ديوانٍ شعريٍ مع مليح جودت وأوقطاي رفعت بعنوان ( الغريب ) عام 1941 وكتب بنفسه مقدمة الكتاب التي أوضح فيها أفكاره حول الشعر، وتعتبر هذه المقدمة بيانا رسميا لتيار الغريب، كان المثقفون في تلك الأيام يلمزون الى اورهان ولي على انه غريبٌ بسبب مفهومه الشعري، وقد جاءت تسمية هذا التيار الشعري من وجهة النظر هذه،  وكان هذا التيار ردة فعل على المفاهيم الشعرية القديمة.

ومن أهم ما جاء في بيان تيار الغريب:

علينا أن نقبل قبل كل شيء بأن الوزن والقافية عبارة عن قيدين، وهما يحكمان أفكار الشاعر وحساسيته، ويغيران شكل اللغة، لقد ولدّت ضرورات الوزن والقافية غرائب لغة النظم، ولعل هذه الغرائب كانت مفيدة من أجل الشعر باعتبارها موسعة للتعبير، ولكن هذا البناء جلب الى عقول البعض مفهوما ضيقا بأن للغة الشعر بنية خاصة.

يقول صنف الناس هذا  أثناء  رفضهم للشعر المختلف انه يشبه لغة الكلام، أصحاب هذا الفهم المستمد جذوره من الوزن والقافية لا يريدون ايجاد الغرابة الإضافية النسبية نفسها في الشعر الباحث عن مجراه الحقيقي،  ولا قبوله طالما استفادت فنون اللفظ والمعنى من خاصية الذكاء التغييرية المخربة للعادي. ليس هناك أكثر طبيعية من هذا بالنسبة لمدان بمعلوماته وتربيته للعصور الماضية، التشبيه هو إجبار على رؤية الأشياء على غير ما هي عليه.

الإنسان الذي يعمل هذا لا يقابل بغرابة،  لا تلتصق به صفة غي الطبيعي. مع أن الهاربمن التشبيه والإستعارة،  والمعبر عما يراه بكلمات يستخدمها الجميع يراه مثقفو اليوم غريبا،  خطأه هو انطلاقه من مفهوم شعري مبني على أسس مختلفة. لقدظهر مئات الآلاف من الشعراء منذ وجود الكتابة حتى الآن، وكل منهم قدم آلاف التشبيهات.  ترى اذا أضاف اولئك الذين نعجب بهم بعض تشبيهات أخرى ماذا سيكسبون الأدب ؟ آمل أن تكون التشبيهات والإستعارات وغنى الخيال الناجم عن جمعها قد اشبعت عين التاريخ الجائعة.

كل تيار جديد في تاريخ الأدب جلب حدودا جديدة للشعر وصار من نصيبنا توسيع هذه الحدود الى حدها الأقصى، أو على الأصح تخليص الشعر من الحدود. ترجمة عبد القادر عبد اللي

حاول أوقطاي رفعت في إحدى رسائله شرح هذه الفكرة من خلال مفهوم المدرسة،  يقول : فكرة المدرسة كانت عبر هذا الزمن تمثل فصلا وموقفا، وهي مغايرة لمفهوم السرعة والحركة وما يتدفق مع تدفق الحياة، والتدفق غير المتناقض مع الذهنية الجدلية هو التدفق اللامدرسي.

وهل يمكن أو يوجد وصف اللاحدود أو اللامدرسية في الشعر وحده وبشكل مغاير؟ مما لاشك فيه أنه من غير الممكن، هذا الوصف سيجعل الإنسان يكتشف ساحات جديدة،  ويعتبر أنه من الطبيعي إغناء الشعر بكثير من الغنائم،  البساطة والبراءة من أهم الغنائم التي غنمناها من أجل توسيع الشعر وفق حساباتنا. رغبتنا باستخراج جماليات الشعر تقودنا الى الإحتكاك عن قرب مع عالم هو الخزينة الأكبر للشعر، وهذا العالم هو عالم ما وراء الشعور.

اتهم التقليديون أورهان ولي واصدقاءه بجعل الشعر شغل من لا علاقة له بالشعر، وبأنهم يهدفون الى اعاقة الشعر الإجتماعي وجعله منحلا، أما مؤرخو الأدب فاعتبروا أن حركة غريب هي بداية الحداثة ذلك أن أورهان ولي  واصدقاءه أغنوا الشعر التركي بامكانيات “شكل وسرد” جديدة بانفتاحهم على نحو كسب إعجاب إنسان الشارع بتناول التفاصيل اليومية لحياته.

استطاعت حركة غريب جذب عدد من الشباب المتبعين لها، فقد أثرت في شعراء ذلك العصر بانتهاجها لاسلوب ايجاد التعابير الشعرية داخل طبيعة لغة الحديث والإنكباب على قضايا الحياة اليومية، والتخلص من أجواء الخطابة، وعدم استمداد التزيين من التلاعب بالكلمات، وعدم السقوط في فخ الوزن والقافية، والكتابة بحرية.

كان عمر أورهان ولي 25  عاما عندما كتب البيان الأول لحركة غريب. ..الحركة التي عارضت الشعر القديم، بل وحتى عارضت شعر ناظم حكمت.

الطبعة الثانية من كتاب “غريب” والتي صدرت عام 1945  اقتصرت على أشعار أورهان ولي فقط،  وأضيف لها مقدمة ثانية  بعنوان ( من أجل غريب )،  وفيما بعد ارتبط اسم حركة غريب باسم أورهان ولي فقط،  وذلك نتيجة ابتعاد صديقيه واتباعهما  نهجين مختلفين.

إن شعر أورهان ولي يُعنى بضرورة إعادة النظر بمفهومه للفن، في الطبعة الثانية من كتاب غريب، اتخذ موقفا أكثر مرونة من التقاليد الشعرية ومن الشكل ولوحظ هذا اعتبارا من العام 1945  في كتابه الثاني ” لم أتراجع “، فكان ثمة انزلاق من النهج العقلاني الى النهج الشعوري، وابتعاد عن السخرية والإدهاش،  واستفاد من تكرار الكلمات والموسيقى، واعتنى بلغة الشعر الشعبي ومقولاته، وكان التغير الأغرب في شعره هو اقترابه من الشعر الاجتماعي.

مقدمة مجموعة غريب للطبعة الثانية

بقلم أورهان ولي

الإنسان الذي يواجه الصعوبات، ولو كان وحده، يجب أن يكون قويا.  أنا أدركت هذا بشكل أفضل حين بقيت وحدي وسط اليأس.  مع هذا، لطول وحدتي على مدى سنوات، اعتدت على هذه الحالة، حتى انني بحثت عن الوحدة في بعض الأحيان لكي أشعر بالأعتزاز الناجم عن الشعور بالقوة.

هذا الشعور الذي أسميه اعتززا كان في البداية طريقا للسلوان. أمثالي الذين يعتقدون أن حياتهم مليئة بالعذاب وجدوا للسلوان مخارج تشبه هذا.  هذه المخارج هي صداقات لحظات الوحدة لمن يشعر بالوحدة.  بواسطة هذه الصداقات يمكننا الصمود في مواجهة الحياة، وحتى في مواجهة الموت.

لدي صداقات عدة تشبه ما سميته اعتزازا، لوكان لدي وقت لحدثتكم عنها.  يا لجمال هذا ! ولكنني إذا أفضيت لكم بهمومي في هذه المقالة التي اكتبها من أجل غريب يمكن أن تغضبوا مني،  لهذا السبب أعرج على واحدة فقط من هذه الصداقات.

هل قررتم ذات مرة ألا تندموا على ما تفعلون ؟ أنا قررت، واستفدت كثيرا.  لو أنني لم أقرر قرارا مثل هذا من قبل زمن طويل فمن المؤكد أن أيامي الحزينة ستكون أكثر عددا.

تذمرت دائما من نشري كتابا بعنوان غريب عام 1941،  لم أكن راضيا عن إعادة نشر ذلك الكتاب. حين كان يطبع كتاب غريب مرة أخرى كان يسطر عل شعور يجعلني أقول لنفسي : لأبقي المروءة داخلي. واذا كتبت الآن ما كتبته قبل خمس سنوات  فلماذا عشت؟ أليس من الممكن أن أكون قد مت ذلك اليوم ؟

انظروا الى ما أكتبه اليوم، والى “غريب” الذي نشرته في ذلك الوقت، سترون أن الفرق كبير جدا.

احذروا من تحميلي مسؤولية هذا الفرق بالكامل،  طبقوا التجربة نفسها على كتاب آخرين.  ستدركون أن أمر التغيير، الذهاب الى الأمام، الى الأجمل،  هو عمل جماعي.  من المؤكد أن تجدوا أناسا لم يتماشوا مع هذا التغيير، ولكن ألا يترك أي تقدم مجموعة من البقايا المتهالكة ومن التوالف ؟بعد هذا ألا تعلق هذه البقايا في أقدامنا معوقة مسيرنا ؟

مع استمراري في هذه الكتابة أنتبه الى انني بدأت محاولة الدفاع عن غريب.  انني لا أريد أن أدافع عن غريب أمام أحد.  أريد أن اداع عنه أمام نفسي قبل دفاعي عنه أمام الآخرين وهذا نابع من معرفتي للنواقص فيه.  ومن الكتابات النقدية عن غريب  هناك كتابة نقدية واحدة تستحق الوقوف عندها وهي لصديق أثق بأفكاره، قال : لا يمكن ربط الحالة النفسية للفرد بفن يرتبط بالمجتمع، أنا لم أدع أن الحالة النفسية منفصلة تماما عن المجتمع.  هل وصل الأمر لصديقي على هذا النحو ؟وهو من أنصار عدم المصالحة بين النظريات.  ليس ثمة فرويدي يستطيع ادعاء ان العمليات المدفوعة الى ما وراء الوعي يدفعها المجتمع، لهذا عليه ألا يقبل بأن للمجتمع مساهمة كبيرة جدا في تشكيل ما وراء الوعي. وذا لم أقل بأن ما وراء الوعي هو ليس وجودا، بل مفهوما طرح من أجل تفسير ما، فأنا أقول هذا الآن.

عندما كتبت غريب شغل تفكيري سبب مجيء الغربة، ولم أقف الى ذلك الحد عند قيمة الشعر.  في الحقيقة لم أن أعرف تلك القيم في ذلد الوقت، ولكنني لست كذلك اليوم.  اصبح لدي تجربة أكبر في الشعر، ومعلومات أكثر، وتجاربي تمنحني الآن قوة أكبر من تلك التي كانت في ذلك اليوم لشرح هذه المعلومات، على الأصح، أعتقد أنني أقوى لجعلها مفهومة أكثرمن توضيحها.  اذا لم يكن هذا فلا أرى بماذا تفيد الكلمات التي سأقولها.

تاريخ الفكر ليس سوى تاريخ محتالين.لقد قيل الكثير حتى اليوم،  ولكن مالذي قيل وهو حقيقة؟

مرة قال صديق : ” ليس ثمة ما لا يمكنني إثبات عكسه في الفن “.  وإمكانتي إثبات العكس في الفن تعني عدم إمكانية وجود ما يثبت.  اذا كان ليس ثمة ما يمكن إثباته فلماذا نفكر، ونتكلم، ونكتب ؟ أم أن الحديث في الفن مثل العمل،  مرض لا مفر منه، ولا منه شفاء ؟

أعمال الشاعر أورهان ولي ، ما نشر منها اثناء حياته أو بعد موته


كتبه الشعرية 

الغريب  1914

لم أستسلم  1945

مثل الأسطورة  1946

لاحقا  1947

المقابل 1949

أعماله الكاملة  1951

حكاياته 

هوشجور كوفتا جيسي 2012

حكاية المعلم نصر الدين ( جحا)  1949

كتاباته 

كتاباته النثرية 1953

عالمنا الأدبي  1974

جميع كتاباته  1982

رسائله 

ترجماته 

ليكن الباب إما مغلق أو مفتوح لألفريد دي موسيه  1943

البربرية لألفريد دي موسيه  1944

خزائن سكابن  لموليير  1944

فرسائليس تولواتي لموليير  1944

الحوار الرسمي ليهود صقلية لموليير  1944

المرائي لموليير  1944

الثلاث حكايات لنيكولاي غوغول  1945

تور جاره لآلان رينيه ليسيج 1946

مختارات من الشعر الفرنسي 1947

قصص لافونتين لجان دو لافونتين  1948

نشر له بعد موته ترجمة لمسرحية انتيجون عن جان أنويه

والساقطة مسرحية عن جان بول سارتر .

فقط أبحث عنك  1914

 

 من شعر أورهان ولي

ترجمة عبد القادر عبد اللي 

أغنية اسطنبول 

 

في اسطنبول، وفي منطقة البسفور 

أنا محسوبكم أورهان ولي 

ابن ولي 

وسط هموم لا توصف 

جلست في ” روملي حصار” 

جلست أدندن أدندن أغنية 

أحجار اسطنبول مرمرية 

تحط على رأسي، تحط النوارس 

ومن عيني تنهمر دموع الفراق 

يا ( دلالي ) 

حالتي هذه بسببك 

 

وسط اسطنبول سينما 

لا تخبروا أمي بغربتي وحزني 

الناس يتكلمون،  ويمارسون الحب، مالي ؟

يا عشقي 

مصيبتي بسببك 

 

في اسطنبول وفي منطقة البسفور 

أنا محسوبكم أورهان ولي 

ابن ولي 

وسط هموم لا توصف.


ثمة أمر 

 

هل البحر جميل الى هذا الحد كل يوم ؟

هل تبدو السماء هكذا دائما؟

هل هي جميلة هكذا دائما 

هذه الأغراض 

وهذه النافذة ؟ 

لا والله لا ،

ثمة أمر في هذا الأمر

 

قصيدة ذات وحدة 

 

لا يعرف من لا يعيش الوحدة 

كيإف يعطي الصمت للإنسان خوفا

وكيف يحطم الإنسان نفسه 

وكيف يهرع نحو المرايا 

متحسرا على روح،

لا يعرف

 

 

 

 

 

 

 

 

صوت القطار 

 

أنا غريب 

ليس ثمة جميلة تسلي قلبي 

في هذه المدينة 

ولا وجه مألوف 

ما أن أسمع صوت قطار 

تغدو عيني 

نبعين 

 

 

إرتخاء 

 

تمددت نائمة مرتخية 

ثوبها مكشوف قليلا 

رفعت ذراعها،  ظهر ما تحت إبطها،

وبيدها أمسكت صدرها 

لا نية سيئة لديها، أعرف

لا، ولا أنا أيضا،  ولكن. ….

مستحيل!

لا يمكن النوم هكذا 

 

 

 

 

الصباحات الأولى للربيع 

 

في صباحات كهذه أصير أخف من الريشة 

قطعة شمس على السطح المقابل

وفي داخلي زقزقة عصافير وغناؤها

أنطلق في الطرقات صائحا مناديا

ألف وأدور رافعا رأسي الى الأعالي

أعتقد بأن الأيام ستمر جميلة هكذا

في كل صباح ربيع كهذا

لا يخطر ببالي عملي،  ولا فقري

أقول : ” لتنتهي الهموم

وأكتفي بشاعريتي

مسليا نفسي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قصائد أخرى 

 

نزهة

 

بعد منتصف الليل

لماذا الضوء

في هذا البيت الجبلي؟

ماذا يحدث؟

هل يتحادثون

أم يلعبون البينجو؟

يفعلون شيئاً ما..

إذا كان يتحدثون،  عمّا؟

الحرب؟ الضرائب؟

ربما يتحادثون في لا شئ،

الأطفال نيام،

رب البيت يقرأ الجريدة،

ربة البيت تخيط،

ربما لا هذا ولا ذاك.

من يعرف؟

ربما ما يفعلانه

قطعه

الرقيب.

 

 

 

 

 قصيدتان عن السفر

 I

حين تسافر،

تحادثك النجوم،

تقول غالباً

كلاماً حزيناً.

 

II

الأغنية التي يترنم بها المرء

وهو سكران في المساء

مبهجة،

الأغنية ذاتها

من نافذة القطار

كئيبة.

 

 

 خطوة

 

جميلة أشجار البتولا

لكن،

إذ نصل

إلى النقطة الأخيرة

أفضِّل

أن أكون نهراً

لا شجرة بتولا.

 

 

لأبقى مشغولاً

 

اعتقدت النساء الجميلات

أن ما كتبتُ من قصائد الحب

كانت فيهن

وأعاني دائماً

من أنني أعرف أني كتبتها

لأبقى مشغولاً.

 

 

طائر وسحابة

 

تاجر الطيور!

لدينا طائر

وشجرة

أعطني

سحابة بمليم.

 

 الحمد لله

 

شخصٌ في البيت،

الحمد لله.

نفسٌ.

خطواتٌ.

الحمد لله.

 

مجاناً

 

نعيش مجاناً؛

الهواء مجاني،  السحب مجانية.

الهضاب والوديان مجانية؛

الفرجة على السيارات من الخارج،

مداخل دور السيمنا،

فاترينات المحلات مجانية؛

ليست كالخبز والجبن،

لكن الماء المالح مجاني؛

الحرية تكلفك الحياة،

والعبودية مجانية،

نعيش مجاناً،

مجاناً.

 

ثلاث قصائد  للشاعر التركيّ: أورهان ولي

ترجمة: محمد عيد إبراهيم

1

 قصيدة ذات رفيف

تنبّهتُ ذاتَ صباحٍ فوجدتُ
الشمسَ في قلبي،
وكنتُ أرفرفُ
كالطيرِ وأوراقِ الشجرِ في رياحِ الربيعِ،
وأوصالي كلُّها في عجيجٍ.
أنا الآنَ كالطيرِ وأوراقِ الشجرِ،
كالطيرِ وأوراقِ الشجرِ.

2

سائراً بالطريق

سائراً بالطريقِ
لمحتُ نفسي أبتسمُ:
أخمّن،  يظنّون أني جُننتُ
فأبتسمُ!

3

ناس

ليسَ دائماً،
لكن حينَ أدركَ
أنكَ لا تحبّني،
أودّ أن أراكَ
كرؤيتي الناسَ
من حِجرِ أمّي
وأنا صغيرٌ.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*